المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

ثم أمر تعالى نبيه ، ويحتمل أن يكون إبراهيم ، ويحتمل أن يكون محمداً ، إن كان في قصة إبراهيم اعتراض بين كلامين بأن يأمرهم على جهة الاحتجاج بالسير في الأرض والنظر في كل قطر وفي كل أمة قديماً وحديثاً ، فإن ذلك يوجد أن لا خالق إلا الله تعالى ولا يبتدىء بالخلق سواه ، ثم ساق على جهة الخبر أن الله تعالى يعيد وينشيء نشأة القيام من القبور{[9232]} ، وقرأت فرقة «النشأة » ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «النشاءة » على وزن الفعالة وهي قراءة الأعرج ، وهذا كما تقول رأفة ورآفة ، وقرأ الباقون «النشأة » على وزن الفعلة ، وقرأ الزهري «النشّة » بشين مشددة في جميع القرآن ، والبعث من القبور يقوم دليل العقل على جوازه وأخبرت الشرائع وقوعه ووجوده .


[9232]:في قوله تعالى: {أو لم يروا...} الآية صرح الله تعالى باسمه في قوله {كيف يبدىء الله الخلق} ، ثم أضمر في قوله: {ثم يعيده}، وفي الآية التي بعدها عكس، فأضمر في قوله : {كيف بدأ الخلق} ثم أبرزه في قوله: {ثم الله ينشىء} حتى لا تخلو الجملتان من صريح اسمه تبارك وتعالى، ودل إبرازه في الآية الثانية على تفخيم النشأة الآخرة، وتعظيم أمرها، وتقرير وجودها، إذ كان نزاع الكفار فيها، فكأنه قيل: ثم ذلك الذي بدأ الخلق هو الذي ينشىء النشأة الآخرة: فكأن التصريح باسمه أفخم في إسناد النشأة إليه. ذكر ذلك أبو حيان في البحر.