البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : النشاءة هنا ، وفي النجم والواقعة على وزن فعالة ؛ وباقي السبعة : النشأة ، على وزن فعلة ، وهما كالرآفة والرأفة ، وهما لغتان ، والقصر أشهر ، وانتصابه على المصدر ، إما على غير المصدر قام مقام الإنشاء ، وإما على إضمار فعله ، أي فتنشئون النشأة .

وفي الآية الأولى صرح باسمه تعالى في قوله : { كيف يبدىء الله الخلق } ، ثم أضمر في قوله { ثم يعيده } ، وهنا عكس أضمر في بدا ، ثم أبرزه في قوله : { ثم الله ينشىء } ، حتى لا تخلو الجملتان من صريح اسمه .

ودل إبرازه هنا على تفخيم النشأة الآخرة وتعظيم أمرها وتقرير وجودها ، إذ كان نزاع الكفار فيها ، فكأنه قيل : ثم ذلك الذي بدأ الخلق هو الذي { ينشىء النشأة الآخرة } ، فكان التصريح باسمه أفخم في إسناد النشأة إليه .

والآخرة صفة للنشأة ، فهما نشأتان : نشأة اختراع من العدم ، ونشأة إعادة .

ثم ذكر الصفة التي النشأة هي بعض مقدوراتها .