تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

الآية 20 وقوله تعالى : { قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق } كان الأمر بالسير والنظر ليس هو سيرا بالأقدام فيها ، ولكن أمر بإرسال الفكر [ في ما ] ( {[15685]} ) فيها من الخلائق والنظر في بدء ما فيها من الخلق متقنا محكما بالتدبير والعلم والحكمة بلا أسباب ليعلموا أن التقدير في ابتداء الإنشاء والإعادة بالخارج عن احتمال وسعهم وقواهم خطأ ، وأن الذي قدر على إنشاء الخلق وابتدائه( {[15686]} ) بلا سبب ولا شيء ، وإن لم يحتمل وسعهم وبنيتهم وقواهم ذلك ، وعلى ذلك الإعادة والنشأة الأخرى ، وإن [ كانت ]( {[15687]} ) خارجة عن احتمال وسعهم وقواهم ، قادر عليها .

[ ويحتمل ] ( {[15688]} ) أن يقال : انظروا ، واعتبروا أن بدء الخلق من الحكيم العالم الذاتي بلا إعادة ورجوع ليس بحكمة في العقل جميعا . إن [ في ]( {[15689]} ) الحكمة والعقل التفريق بين الولي والعدو وبين الشاكر والكافر وبين المطيع والعاصي ؛ إذ قد سوى بينهم في الدنيا ، وأشركهم فيها حتى جعل للكافر ما للشاكر والولي والعدو والمطيع والعاصي . فلا بد من الإعادة في دار يفرق بينهم ليخرج بدء إنشائه( {[15690]} ) وخلقه الخلق على الحكمة والتدبير والعلم لا على السفه والعبث ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إن الله على كل شيء قدير } في النشأة الأولى والآخرة ، لا يعجزه شيء ؛ إذ هو قادر بذاته .


[15685]:ساقطة من الأصل وم.
[15686]:في الأصل وم: وابتداء.
[15687]:من م، ساقطة من الأصل.
[15688]:في الأصل وم: أو.
[15689]:ساقطة من الأصل وم.
[15690]:في الأصل وم: إنشائهم.