فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

{ قل } لمنكري البعث { سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق } على كثرتهم ؛ واختلاف ألوانهم وطبائعهم ، وألسنتهم ، وانظروا إلى مساكن القرون الماضية ، والأمم الخالية ، وآثارهم ، لتعلموا بذلك كمال قدرة الله ، فإن من قدر على إنشائها بدءا يقدر على إعادتهم ، وقيل : إن المعنى قل لهم يا محمد سيروا ومعنى قوله { ثم الله ينشئ النشأة الآخرة } إن الله الذي بدأ النشأة الأولى وخلقها على تلك الكيفية ، ينشأها نشأة ثانية عند البعث ، أي فكما لم يتعذر عليه إحداثهم مبدئا كذلك لا يتعذر عليه إنشاؤهم معيدا بعد الموت . ثانيا وهذا دليل على أنهما نشأتان وأن كل واحد منهما إنشاء أي ابتداء واختراع ، وإخراج من العدم إلى الوجود ، غير أن الآخرة إنشاء بعد إنشاء مثله ، والأولى ليست كذلك ، والجملة عطف على جملة : سيروا في الأرض داخلة معها في حيز القول .

قال ابن عباس : النشأة الآخرة : هي الحياة بعد الموت وهو النشور ، قرئ النشأة بالقصر وسكون الشين ، وبالمد وفتح الشين وهما لغتان كالرأفة والرآفة ، وهي منتصبة على المصدرية بحذف الزوائد ، والأصل الإنشاءة أو على حذف العامل أي ينشئ فينشئون النشأة { إن الله على كل شيء } من البداءة والإعادة { قدير } والجملة تعليل لما قبلها .