المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا نَّخِرَةٗ} (11)

و «الناخرة » : المصوتة بالريح المجوفة ، ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

وأخليتها من مخها فكأنها*** قوارير في أجوافها الريح تنخر{[11605]}

ويروى تصفر وناخرة ، هي قراءة حمزة وعاصم في رواية أبي بكر وعمر بن الخطاب وابن مسعود وأبيّ بن كعب وابن عباس وابن الزبير ومسروق ومجاهد وجماعة سواهم ، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود والحسن والأعرج وأبو رجاء وجعفر وشيبة وأبو عبد الرحمن وابن جبير وأهل مكة وشبل وقتادة وأيوب والنخعي : «نخرة » ، دون ألف بعد النون ، ومعناه : بالية متعفنة قد صارت رميماً ، يقال : نخر العود والعظم : إذ بلي وصار يتفتت ، وحكي عن أبي عبيدة وأبي حاتم والفراء وغيرهم أن الناخرة والنخرة بمعنى واحد كطامع وطمع وحاذر وحذر ، والأكثر من الناس على ما قدمناه . قال أبو عمرو بن العلاء : «الناخرة » التي لم يتنخر بعد والنخرة التي قد بليت .


[11605]:لم يذكر هذا البيت أحد من المفسرين غير ابن عطية، وصاحب "البحر المحيط"، والمخ: نقي عظام القصب، والقوارير: جمع قارورة، وهي وعاء من زجاج يستقر فيه الشراب، وتنخر: تصوت صوتا يشبه صوت الأنف، يقول: إنه أفرغها من مخها فأصبحت خالية كأنها القوارير التي تصوت فيها الريح.