إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا نَّخِرَةٗ} (11)

وقولُه تعالَى : { أَئذَا كُنَّا عظاما نخِرَةً } تأكيدٌ لإنكار الردِّ ونفيِه بنسبتِه إلى حالةِ منافيةٍ له . والعاملُ في إذَا مضمرٌ يدلُّ عليهِ مردودونَ أي أَئِذا كُنَّا عظاماً باليةً نُردُّ ونبعثُ مع كونِها أبعدَ شيءٍ من الحياةِ وقُرِئَ إذَا كُنَّا على الخبرِ أو إسقاطِ حرفِ الإنكارِ . وناخرةٌ منْ نَخَر العظمُ فهو نَخِرٌ ونَاخِرٌ ، وهُو البَالِي الأَجْوفُ الذي يمرُّ به الريحُ فيُسمعُ له نخيرٌ { قَالُوا } حكايةٌ لكفرٍ آخرَ لهم متفرعٍ على كُفْرِهم السابقِ ولعلَّ توسيطَ قالُوا بينهُمَا للإيذانِ بأنَّ صدورَ هذا الكفرِ عنهُم ليسَ بطريقِ الاطرادِ والاستمرارِ مثلَ كفرِهم السابقِ المستمرِّ صدورُه عنهُم في كافةِ أوقاتِهم حسبَما ينبئُ عنْهُ حكايتُه بصيغةِ المضارعِ ، أيْ قالُوا بطريق الاستهزاءِ مشيرينَ إلى ما أنكرُوه من الردة في الحافرةِ مشعرينَ بغايةِ بُعدِها من الوقوعِ : { تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسرة } .