اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا نَّخِرَةٗ} (11)

قوله تعالى : { أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً } .

قرأ الأخوان وأبو بكر{[59250]} : «نَاخِرَةً » بألف .

والباقون : «نَخِرة » بدُونِهَا .

وهما ك «حَاذِرٍ ، وحَذِر » فاعل لمن صدر عنه الفعل ، و «فعل » لمن كان فيه غريزة أو كالغريزة .

وقيل : ناخِرَة ، ونخِرَة بمعنى : بالية .

يقال : نَخِر العظم - بالكسر - أي بلي وتفتَّت .

وقيل : نَاخِرةٌ ، أي : صارت الريح تَنْخَر فيها ، أيك تصوت ، ونَخِرَةٌ أي : ينخر فيها دائماً .

وقيل : ناخرة ، أي : بالية ، ونخرة : متآكلة .

وعن أبي عمرو : النَّاخرة : التي لم تنخر بعد ، والنَّخرةُ : البالية .

وقيل : النَّاخرةُ : المصوت فيها الريح ، والنَّاخرة : البالية التي تعفّنت .

قال الزمخشري{[59251]} : «نَخِرَ العَظْمُ فهو نَخِرٌ ونَاخِرٌ ، كقولك : طمع ، فهو طَمِعٌ وطَامِع ، و » فَعِل «أبلغ من فاعل ، وقد قُرئ بهما ، وهو البالي الأجوف الذي تمرُّ فيه الريح ، فيسمع له نخير » .

ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

5091- وأخْلَيْتُهَا مِنْ مُخِّهَا فكَأنَّهَا *** قَوارِيرُ في أجْوافِهَا الرِّيحُ تَنْخُرُ{[59252]}

وقال الرَّاجز لفرسه : [ الرجز ]

5092- أقْدِمْ سَجاجِ إنَّها الأسَاوِرَهْ *** ولا يَهُولنكَ رُءُوسٌ نَادِرَهْ

فإنَّمَا قَصْرُكَ تُرْبُ السَّاهِرَهْ *** ثُمَّ تَعُودُ بَعْدَهَا في الحَافِرَهْ

*** مِنْ بَعْدِ مَا كُنت عِظَاماً نَاخِرَهْ{[59253]} ***

ونُخْرةُ الريح - بضم النون - شدة هبوبها ، والنُّخْرَةُ أيضاً : مقدم أنف الفرس ، والحمار ، والخنزير ، يقال : هشم نخرته ، أي : مقدم أنفه .

و«إذَا » منصوبٌ بمُضْمَرٍ ، أي : إذَا كُنَّا كذا نُردُّ ونُبعَثُ .


[59250]:ينظر: السبعة 670، 671، والحجة 6/371، وإعراب القراءات 2/435، وحجة القراءات 748.
[59251]:ينظر: الكشاف 4/694.
[59252]:البيت للحارثي ينظر ديوان الحماسة 2/165، والبحر 8/410، والدر المصون 6/472.
[59253]:ينظر سمط اللآلىء 1/124، والاشتقاق لابن دريد ص 67، 18، 316، والطبري 30/23، 24، ومجمع البيان 10/61، واللسان (نخر)، والبحر 8/410، والدر المصون 6/472، والقرطبي 19/130.