الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا نَّخِرَةٗ} (11)

قوله : { نَّخِرَةً } : قرأ الأخَوان وأبو بكر " ناخِرَة " بألفٍ ، والباقون " نَخِرَة " بدونِها وهما كحاذِر وحَذِر ، فاعِل لمَنْ صَدرَ منه الفِعْلُ ، وفَعِل لِمَنْ كان فيه غَريزةً ، أو كالغَريزة . وقيل : ناخِرة ونَخِرة بمعنى بالية . وقيل : ناخِرَة ، أي : صارَتِ الريحُ تَنْخِرُ فيها ، أي : تُصَوِّتُ ، ونَخِرَة ، أي : تَنْخِرُ فيها دائماً . وقيل : ناخِرَة : بالِية ، ونَخِرَة : متآكلة . وعن أبي عمروٍ : الناخِرة : التي لم تَنْخَرْ بعدُ ، والنَّخِرَةُ : البالية . وقيل : الناخِرَةُ : المُصَوِّتَةُ فيها الريحُ ، والنَّخِرةُ : الباليةُ التي تَعَفَّنَتْ . قال الزمخشري : " يُقال : نَخِر العظمُ ، فهو نَخِرٌ وناخِرٌ ، كقولِك : طَمِعَ فهو طَمعٌ وطامعٌ ، وفَعِل أَبْلَغُ مِنْ فاعِل ، وقد قُرِىء بها ، وهو البالي الأجوفُ الذي تَمُرُّ فيه الرِّيحُ فيُسْمَعُ له نَخِير " . قلت : ومنه قولُه :

وأَخْلَيْتُها مِنْ مُخِّها فكأنَّها *** قواريرُ في أجوافِها الريحُ تَنْخِرُ

وقال الراجزُ لفَرَسه :

أَقْدِمْ نَجاحُ إنها الأَساوِرَهْ *** ولا يَهْوْلَنَّكَ رَحْلٌ نادِرَهْ

فإنما قَصْرُك تُرْبُ السَّاهِرَهْ *** ثم تعودُ بعدها في الحافِرَهْ

مِنْ بعدِ ما كنتَ عِظاماً ناخِرَهْ ***

ونُخْرَةُ الرِّيْح بضمِّ النون : شِدَّةُ هبوبِها ، والنُّخْرَةُ أيضاً : مُقَدَّمُ أَنْفِ الفَرَسِ والحمارِ والخِنْزير . يقال : هَشَم نُخْرَتَه ، أي : مُقَدَّمَ أَنْفِه . و " إذا " منصوبٌ بمضمرٍ ، أي : إذا كُنَّا كذا نُرَدُّ ونُبْعَثُ .