المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَأَنتَ عَنۡهُ تَلَهَّىٰ} (10)

{ فأنت عنه تلهى } أي تشتغل ، تقول لهيت عن الشيء ألهى إذا اشتغلت وليس من اللهو الذي هو من ذوات الواو ، وإما أن المعنى يتداخل ، وقرأ الجمهور من القراء : «تَلهى » بفتح التاء على حذف التاء الواحدة ، وقرأ ابن كثير فيما روي عنه «تلهى » بالإدغام ، وقرأ طلحة بن مصرف : «تتلهى » بتاءين ، وروي عنه «تَلْهى » بفتح التاء وسكون اللام وتخفيف الهاء المفتوحة ، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : «تُلْهى » بضم التاء{[11620]} وسكون اللام أي يلهيك حرصك على أولئك الكفار ، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم :

«وما استأثر الله به فَالْهَ عنه »{[11621]} وقوله تعالى في هاتين : { وأما من } فالسبب ما ذكر من كفار قريش وعبد الله بن أم مكتوم ، ثم هي بعد تتناول من شركهم{[11622]} في هذه الأوصاف ، فحَمَلَهُ الشرع والعلم مخاطبون في تقريب الضعيف من أهل الخير وتقديمه على الشريف العاري من الخير ، بمثل ما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السورة


[11620]:أما ضبط اللام والهاء فقد أخذناهما عن المحتسب.
[11621]:وجدت هذا الحديث في كتاب النهاية لابن الأثير، وفي لسان العرب- أثر- واللفظ فيهما: (إذا استأثر الله بشيء فاله عنه)، ولم يذكروا شيئا عن رواته، واستأثر بالشيء: خص به نفسه،ومعنى (إله عنه): اتركه.
[11622]:أي اشترك معهم فيها، وشرك تأتي بمعنى شارك.