اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَأَنتَ عَنۡهُ تَلَهَّىٰ} (10)

قوله { تلهى } أصله تتلهى من لهي يلهى بكذا أي اشتغل وليس هو من اللهو في شيء .

وقال أبو حيان{[59355]} : ويمكن أن يكون منه لأن ما يبنى على فعل من ذوات الواو تنقلب واوه لانكسار ما قبلها . نحو شقي يشقى . فإن كان مصدره جاء بالياء فيكون من مادة غير مادة اللهو .

قال شهاب الدين{[59356]} : الناس إنما لم يجعلوه من اللهو لأجل أنه مسند إلى ضمير النبي صلى الله عليه وسلم ولا يليق بمنصبه الكريم أن ينسب إليه التفعل من اللهو . بخلاف الاشتغال فإنه يجوز أن يصدر منه في بعض الأحيان ، ولا ينبغي أن يعتقد غير هذا وإنما سقط الشيخ وقرأ ابن كثير في رواية البزي عنه «عنهو تلهى » بواو وهي صلة لهاء الكناية ، وتشديد التاء والأصل تتلهى فأدغم ، وجاز الجمع بين ساكنين لوجود حرف علة وإدغام ، وليس لهذه الآية نظير . وهو أنه إذا لقي صلة هاء الكناية ساكن آخر ثبتت الصلة بل يجب الحذف ، وقرأ أبو جعفر «تُلَهَّى » بضم التاء مبنياً للمفعول . أي يلهيك شأن الصناديد ، وقرأ طلحة «تتلهى » بتاءين وهي الأصل ، وعنه بتاء واحدة وسكون اللام .

فصل

فإن قيل قوله : { فَأَنتَ لَهُ تصدى } فأنت عنه تلهى كان فيه اختصاصاً .

قلنا نعم ، ومعناه إنكار التصدي والتلهي عنه ، أي مثلك خصوصاً لا ينبغي أن يتصدى للغني ، ويتلهى عن الفقير .


[59355]:ينظر: البحر المحيط 8/419.
[59356]:ينظر: الدر المصون 6/479.