الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَأَنتَ عَنۡهُ تَلَهَّىٰ} (10)

قوله : { تَلَهَّى } : أًصلُه تَتَلَهَّى مِنْ لَهِيَ يَلْهى بكذا ، أي : اشتغل ، وليس هو من اللهوِ في شيءٍ . وقال الشيخ : " ويمكنُ أن يكونَ منه ؛ لأنَّ ما يُبْنى على فَعِل من ذواتِ الواو تَنْقَلِبُ واوه ياءً لانكسارِ ما قبلَها نحو : شَقِي يَشْقى . فإن كان مصدرُه جاء بالياءِ فيكونُ مِنْ مادةٍ غيرِ مادةِ اللهو " . قلت : الناسُ إنما لم يَجْعلوه من اللهو لأَجْلِ أنه مُسْنَدٌ إلى ضمير النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولا يَليق بمَنْصِبه الكريم أَنْ يَنْسُبَ اللَّهُ تعالى إليه التفعُّلَ من اللهو بخِلاف الاشتغال ، فإنه يجوزُ أَنْ يَصْدُرَ منه في بعض الأحيان ، ولا ينبغي أَنْ يُعْتَقَدَ غيرُ هذا ، وإنما سَقَط الشيخ .

وقرأ ابن كثير في روايةِ البزِّي عنه " عَنْهو تَّلهَّى " بواوٍ هي صلةٌ لهاءِ الكناية وتشديدِ التاءِ ، والأصل تَتَلَهَّى فأدغم ، وجاز الجَمْعُ بين ساكنَيْن لوجود حرفِ علةٍ وإدغامٍ ، وليس لهذه الآيةِ نظيرٌ : وهو أنه إذا لقي صلةَ هاءِ الكناية ساكنٌ آخرُ ثَبَتَتِ الصلةُ بل يجبُ الحَذْفُ . وقرأ أبو جعفر " تُلَهَّى " بضم التاء مبنياً للمفعولِ ، أي : يُلْهِيْكَ شأنُ الصَّناديد . وقرأ طلحة " تَتَلَهَّى " بتاءَيْن وهي الأصلُ ، وعنه بتاءٍ واحدةٍ وسكونِ اللام .