{ فَأَنتَ عَنْهُ تلهى } أي تَشْتَغِلُ ، تَقُولُ لَهِيتُ عن الشيء ألْهَى إذا اشْتَغَلْتُ عنه ، ولَيْسَ من اللَّهْوِ ، وهذه الآيةُ السببُ فيها هذا ؛ ثم هِي بَعْدُ تَتَنَاولُ مَنْ شَارَكَهم في هذه الأوصافِ ، فحمَلةُ الشَّرْعِ والعِلم مخاطبونَ بتقريبِ الضَّعِيفِ من أهلِ الخير وتقديمِه على الشريفِ العارِي من الخيرِ ، مثلَ ما خُوطِبَ بهِ النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السورةِ ، قال عياضٌ : وليسَ في قوله تعالى : { عَبَسَ وتولى } الآيةَ ، ما يَقْتَضِي إثباتَ ذَنْبٍ للنبي صلى الله عليه وسلم ، أو أنه خَالفَ أمْرَ ربِّه سبحانه ، وإنَّما في الآيةِ الإعلامَ بحال الرجلينِ ، وتَوْهِينِ أَمْرِ الكافرِ ، والإشارةُ إلى الإعراضِ عنه ، انتهى . قال السهيلي : وانظرْ كيفَ نزلتِ الآيةُ بلفظِ الإخبارِ عن الغائبِ فقال : { عَبَسَ وتولى } ولم يقل : عَبَسْتَ وتولَّيْتَ ، وهذا يُشْبِهُ حال العاتِب المُعْرِضِ ، ثم أقبل عَلَيْهِ بمواجَهَةِ الخطابِ فقال : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يزكى } الآية ، عِلماً منْه سبحانه أنَّه لَمْ يَقْصِدْ بالإعراضِ عن ابن أم مكتوم إلا الرغبةَ في الخيرُ ودخولِ ذلكَ المشركِ في الإسلام ؛ إذ كان مثلُه يُسْلِم بإسلامِه بَشَرٌ كثيرٌ ، فكلَّمَ نبيَّهُ حينَ ابتدأَ الكلامَ بِمَا يشبه كلامَ المُعْرِضِ عنه العاتِب له ، ثم واجَهَهُ بالخطابِ تأنيساً له عليه السلام ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.