قوله تعالى : { ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا } خبراً ، واختلفوا في نبوته : فقال بعضهم : كان نبياً . وقال أبو الطفيل : سئل علي رضي الله عنه عن ذي القرنين أكان نبياً أم ملكاً ؟ قال : لم يكن نبياً ولا ملكاً ، ولكن كان عبداً أحب الله وأحبه الله ، ناصح الله فناصحه الله . وروي أن عمر رضي الله عنه سمع رجلاً يقول لآخر : يا ذا القرنين . فقال : سميتم بأسماء النبيين فلم ترضوا حتى تسميتم بأسماء الملائكة . والأكثرون على أنه كان ملكاً عادلاً صالحاً . واختلفوا في سبب تسميته بذي القرنين . قال الزهري : لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها . وقيل : لأنه ملك الروم وفارس . وقيل : لأنه دخل النور والظلمة . وقيل لأنه رأى في المنام كأنه أخذ بقرني الشمس . وقيل : لأنه كانت له ذؤابتان حسنتان . وقيل : لأنه كان له قرنان تواريهما العمامة . وروى أبو الطفيل عن علي أنه قال : سمي ذا القرنين لأنه أمر قومه بتقوى الله ، فضربوه على قرنه الأيمن فمات فبعثه الله ، ثم أمرهم بتقوى الله فضربوه على قرنه الأيسر فمات ، فأحياه الله . واختلفوا في اسمه ، قيل : اسمه مرزبان بن مرزبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح . وقيل اسمه الاسكندر بن فيلقوس بن ياملوس الرومي .
اختلف فيمن سأله عن هذه القصة ، فقيل سألته طائفة من أهل الكتاب ، وروى في ذلك عقبة بن عامر حديثاً ذكره الطبري وقيل إنما سألته قريش ، حين دلتها اليهود على سؤاله عن الروح ، والرجل الطواف ، وفتية ذهبوا في الدهر ليقع امتحانه بذلك{[7886]} ، و «ذو القرنين » : هو الإسكندر الملك اليوناني المقدوني ، وقد تشدد قافه ، فيقال المقدوني ، وذكر ابن إسحاق في كتاب الطبري أنه يوناني ، وقال وهب بن منبه هو رومي ، وذكر الطبري حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن ذا القرنين شاب من الروم » وهو حديث واهي السند ، فيه عن شيخين من تجيب{[7887]} ، واختلف الناس في وجه تسميته ب { ذي القرنين } ، فأحسن الأقوال أنه كان ذا ضفرتين من شعر هما قرناه ، فسمي بهما ، ذكره المهدوي وغيره ، والضفائر قرون الرأس ، ومنه قول الشاعر : [ الكامل ]
فلثمت فاها آخذاً بقرونها . . . شرب النزيف لبرد ماء الحشرج{[7888]}
ومنه حديث في غسل بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت أم عطية : فضفرنا رأسها ثلاثة قرون{[7889]} ، وكثيراً تجيء تسمية النواصي قروناً ، وروي أنه كان في أول ملكه يرى في نومه أنه يتناول الشمس ، ويمسك قرنين لها بيديه ، فقص ذلك ، ففسر أنه سيغلب على ما ذرت عليه ، وسمي «ذا القرنين » ، وقالت فرقة سمي «ذا القرنين » لأنه بلغ المغرب والمشرق ، فكأنه حاز قرني الدنيا ، وقالت فرقة إنه بلغ مطلع الشمس كشف بالرؤية قرنيها ، فسمي بذلك ، أو قرني الشيطان بها ، وقال وهب بن منبه : سمي بذلك لأن جنبتي رأسه كانتا من نحاس ، وقال وهب بن منبه أيضاً كان له قرنان تحت عمامته .
قال القاضي أبو محمد : وهذا كله بعيد ، وقال علي بن أبي طالب : إنما سمي «ذا القرنين » لأنه ضرب على قرن رأسه فمات : ثم حيي ثم ضرب على قرن رأسه الآخر فمات ، فسمي بذلك لأنه جرح على قرني رأسه جرحين عظيمين في يومين عظيمين من أيام حربه فسمي بذلك ، وهذا قريب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.