السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَن ذِي ٱلۡقَرۡنَيۡنِۖ قُلۡ سَأَتۡلُواْ عَلَيۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا} (83)

{ ويسألونك } أي : اليهود وقيل : مشركو مكة يا أشرف الخلق { عن ذي القرنين } وذكروا في سبب تسميته بذلك وجوهاً ، الأول : قال أبو الطفيل سئل علي رضي اللّه عنه عن ذي القرنين أكان نبياً أم ملكاً ؟ قال : لم يكن نبياً ولا ملكاً ولكن كان عبداً صالحاً أمر قومه بتقوى اللّه تعالى فضربوه على قرنه الأيمن فمات ، ثم بعثه اللّه تعالى فأمرهم بتقوى اللّه تعالى فضربوه على قرنه الأيسر فمات ، ثم بعثه اللّه تعالى فسمي ذا القرنين ، فيكم مثله يعني نفسه ، الثاني : أنه انقرض في وقته قرنان من الناس ، الثالث : أنه كان صفحتا رأسه من نحاس ، الرابع : كان على رأسه ما يشبه القرنين ، الخامس : كان لتاجه قرنان ، السادس : أنه طاف قرني الدنيا شرقها وغربها ، السابع : كان له قرنان أي : ضفيرتان ، الثامن : أنّ اللّه تعالى سخر له النور والظلمة فإذا سرى يهدي النور من أمامه وتمتدّ الظلمة من ورائه ، التاسع : أنه لقب بذلك لشجاعته كما يسمى الشجاع كبشاً لأنه ينطح أقرانه ، العاشر : أنه رأى في المنام كأنه صعد الفلك وتعلق بطرفي الشمس وقرنيها أي : جانبيها فسمي بذلك لهذا السبب ، الحادي عشر : أنه كان له قرنان تواريهما العمامة ، الثاني عشر : أنه دخل النور والظلمة ، وذكروا في اسمه أيضاً وجوهاً الأول : اسمه مرزبان اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح ، الثاني : اسمه اسكندر بن فيلفوس الرومي اشتهر في كتب التواريخ أنه بلغ ملكه أقصى المشرق والمغرب وأمعن حتى انتهى إلى البحر الأخضر ثم عاد إلى مصر وبنى الإسكندرية وسماها باسم نفسه ، الثالث : شمر بن عمر بن أفريقيس الحميري وهو الذي بلغ ملكه مشارق الأرض ومغاربها وافتخر به أحد الشعراء من حمير حيث قال :

قد كان ذو القرنين قبلي مسلماً *** ملكاً علا في الأرض غير مفند

بلغ المشارق والمغارب يبتغي *** أسباب ملك من كريم سيد