جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَن ذِي ٱلۡقَرۡنَيۡنِۖ قُلۡ سَأَتۡلُواْ عَلَيۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا} (83)

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ } بعث قريش إلى الكتاب يسألون منهم ما يمتحنون به النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : سلوه عن رجل طاف في الأرض ، وعن فتية لا يدرى ما صنعوا ، وعن الروح . فنزلت سورة الكهف{[3015]} ، والمشهور أنه الإسكندر الرومي ، وما يعلم من تاريخ الأرزقي وغيره أنه غيره ، وهذا الرومي كان قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة ووزيره أرسطاطاليس الفيلسوف ، وأما هذا الإسكندر فقد كان في زمن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، وطاف بالبيت معه ووزيره الخضر ووجه تسميته أنه كان صفحتا رأسه من نحاس ، وقد صح عن علي أنه قال : كان عبدا ناصح الله فناصحه ، دعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه الأيمن فمات ، فأحياه الله فدعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه الأيسر فمات فسمي ذا القرنين{[3016]} ، أو لأنه بلغ طرفي الدنيا من حيث تطلع قرنا الشمس وتغرب { قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم } : أيها السائلون ، { مِّنْهُ } من ذي القرنين { ذِكْرًا{[3017]} } .


[3015]:ذكره محمد بن إسحاق بسند فيه مجهول كما في تفسير ابن كثير، (3/27، 37). وعزاه السيوطي في الدر المنثور (4/380) إلى ابن جرير وابن إسحاق وابن المنذر وأبي نعيم والبيهقي كليهما في الدلائل.
[3016]:قال بعض أهل الكتاب: لأنه ملك الروم والفارس، وقال بعضهم: كان في رأسه شبه القرنين والله أعلم بصحته /12 منه.
[3017]:يحتمل أن يراد من الذكر القرآن، ويحتمل أن يراد الخبر والحديث ولهذا الأمر مناسب؛ لأنه لما تأخر الوحي وفرح قريش شامتين ناسب أن يقال لهم لا تفرحوا فإني سأتلو عليكم ما يحزنكم ثم يأخذ بتفصيل الحكاية "إنا مكنا له" الآية /12 وجيز.