قوله عز وجل { ويسألونك عن ذي القرنين } قيل اسمه مرزبان بن مرزبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح وقيل اسمه الإسكندر بن فيلفوس كذا صح الرومي ، وكان ولد عجوز ليس لها ولد غيره ونقل الإمام فخر الدين في تفسيره عن أبي الريحان السروري المنجم في كتابه المسمى بالآثار الباقية عن القرون الخالية أنه من حمير واسمه أبو كرب سمي ابن عير بن أبي أفريقيس الحميري وهو الذي افتخر به أحد شعراء حمير حيث يقول :
قد كان ذو القرنين جدي مسلماً*** ملكاً علا في الأرض غير مفند
بلغ المشارق والمغارب يبتغي *** أسباب ملك من كريم مرشد
فرأى مآب الشمس عند غروبها *** في عين ذي خلب وثأطة حرمد
قوله فرأى مآب الشمس ، أي ذهاب الشمس وقوله في عين ذي خلب أي حمأة ، والثأطة الحمأة أيضاً والجمع ثأط والحرمد الطين الأسود . وقيل سمي ذا القرنين لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها ، وقيل لأنه ملك فارس والروم وقيل لأنه دخل النور والظلمة ، وقيل لأنه رأى في المنام كأنه أخذ بقرني الشمس وقيل لأنه كان له ذؤابتان حسنتان ، وقيل كان له قرنان تورايهما العمامة ، وروي عن علي أنه أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه الأيمن فمات فأحياه الله ثم بعثه فأمرهم بتقوى الله فضربوه على قرنه الأيسر فمات فأحياه الله . واختلفوا في نبوته فقيل كان نبياً ويدل عليه قوله سبحانه وتعالى قلنا يا ذا القرنين وخطاب الله لا يكون إلا مع الأنبياء وقيل لم يكن نبياً . قال أبو الطفيل : سئل علي عن ذي القرنين أكان نبياً فقال : لم يكن نبياً ولا ملكاً ولكن كان عبداً أحب الله فأحبه الله وناصح الله ، فناصحه الله . وروي أن عمر سمع رجلاً يقول لآخر يا ذا القرنين فقال تسميتم بأسماء الأنبياء ، فلم ترضوا حتى تسميتم بأسماء الملائكة والأصح الذي عليه الأكثرون أنه كان ملكاً صالحاً عادلاً وأنه بلغ أقصى المغرب والمشرق والشمال والجنوب وهذا هو القدر المعمور من الأرض ، وذلك أنه لما مات أبوه جمع ملك الروم بعد أن دان له طوائف ثم مضى إلى ملوك العرب وقهرهم ، ومضى حتى انتهى إلى البحر الأخضر ، ثم رجع إلى مصر وبنى الإسكندرية ، وسماها باسمه ثم دخل الشام وقصد بيت المقدس وقرب فيه القربان ، ثم انعطف إلى أرمينية وبوب الأبواب وبنى السد ودانت له ملوك العراق والنبط والبربر . واستولى على ممالك الفرس ثم مضى إلى الهند والصين وغزا الأمم البعيدة ثم رجع إلى العراق ومرض بشهرزور ومات بها وحمل إلى حيث هو مدفون وقيل إن عمره كان ألفاً وثلاثين سنة ومثل هذا الملك البسيط الذي هو على خلاف العادات وجب أن يبقى ذكره مخلداً على وجه الأرض فذلك قوله سبحانه وتعالى { ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكراً } أي خبراً يتضمن حاله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.