معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا} (98)

قوله تعالى : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن } هل ترى ، وقيل هل تجد { منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً } أي : صوتاً ، والركز : الصوت الخفي . قال الحسن : بادوا جميعاً ، فلم يبق منهم عين ولا أثر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا} (98)

فمثل لهم بإهلاك من قبلهم ليحتقروا أنفسهم ، ويبين صغر شأنهم وعبر المفسرون عن ( اللد ) بالفجرة وبالظلمة وتلخيص معناها ما ذكرناه ، و ( القرن ) الأمة ، و ( الركز ) الصوت الخفي دون نطق بحروف ولا فم وإنما هو صوت الحركات وخشفتها ومنه قول لبيد :

فتوجست ركز الأنيس فراعها . . . عن ظهر غيب والأنيس سقامها{[8071]}

فكأنه يقول أو تسمع من أخبارهم قليلاً أو كثيراً ، أو طرفاً خفياً ضعيفاً ، وهذا يراد به من تقدم أمره من الأمم ودرس خبره ، وقد يحتمل أن يريد : هل بقي لأحد منهم كلام أو تصويت بوجه من الوجوه ؟ فيدخل في هذا من عرف هلاكه من الأمم .


[8071]:البيت من معلقة لبيد، وهو واحد من الأبيات التي يصف فيها بقرة وحشية، فالضمير في (توجست) يعود عليها، ومعنى توجست: تسمعت إلى صوت خفي، وفيها معنى الخوف عند التسمع، والركز: الصوت الخفي، ويروى البيت: "وتوجست رز الأنيس"، كما يروى: "وتسمعت رز الأنيس"، والأنيس: الإنس، و"الأنيس سقامها": أي الإنسان سبب مرضها وهلاكها لأنه يصيدها. يقول: إن البقرة الوحشية تسمعت الصوت الخفي الذي يحدثه الإنسان من وراء حجاب، والإنسان هو السبب في هلاك هذه البقرة. وقد طرق الشعراء هذا المعنى بكثرة، ومن ذلك قول ذو الرمة يصف ثورا تسمع إلى صوت صائد وكلابه: إذا توجس ركزا مقـفـــــــــــــــر ندس بنبأة الصوت ما في سمعه كذب فهو ندس أي حاذق ما في سمعه كذب، أي هو صادق الاستماع بهذه النبأة، وهي الصوت الخفي.