تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا} (98)

96

المفردات :

ركزا : صوتا خفيا .

التفسير :

98- { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا } .

لقد أهلكنا كثيرا من الأمم السابقة ، التي كذبت رسلي ؛ فأغرقنا قوم نوح وقوم فرعون ، وأهلكنا عادا وثمود وقوم لوط . وهذه الأمم التي بادت وهلكت بغضب لها ؛ كانت ملء السمع والبصر ، لها تحرك وقوة وقدرة فوق الأرض ، والآن بادت وأصبحت رميما تحت التراب ؛ لا ترى العين أحدا من أهلها ، ولا تسمع لأحدهم صوتا خافتا . إنهم في صمت القبور .

وبهذا الختام يشخص القرآن الكريم أمام العين أمما أقوى من كفار مكة كانوا يتحركون وينبضون بالحياة والأماني والمشاعر ، ثم إذا الصمت يخيم ، والموت يجثم ، وإذا الجثث والأشلاء والبلى والدمار ، لا حس ، لا حركة ، لا صوت .

{ هل تحس منهم من أحد } . انظر وتلفت .

{ أو تسمع لهم ركزا } . تسمع وأنصت .

ألا إنه السكوت العميق ، والصمت الرهيب ، وما من أحد إلا الواحد الحي الذي لا يموتxxix .

ختام السورة:

خلاصة لما اشتملت عليه سورة مريم

1- دعاء زكريا لله : أن يرزقه ولدا .

2- استجابة الله لدعائه وبشارته لزكريا بولد اسمه : يحيى .

3- صفات يحيى وهي القوة في الدين ، والحكمة في الصبا ، والحنان والتقى ، وبر الوالدين والعبد عن التجبر والمعصية .

4- قصة مريم وحملها بعيسى ، ونطق عيسى في المهد ، والرد على من اتخذ عيسى إلها .

5- معجزات عيسى ، واختلاف النصارى بشأنه .

6- قصص إبراهيم عليه السلام مع أبيه آزر ، واعتزاله لقومه ، ثم هبة الله لإبراهيم إسحاق ويعقوب .

7- جانب من قصة موسى وإسماعيل وإدريس عليهم السلام .

8- جبريل لا ينزل إلى الأنبياء إلا بإذن ربه .

9- الإخبار : بأن جميع الخلائق ترد على النار يوم القيامة ، ثم ينجي الله المؤمنين إلى الجنة ، ويترك الكافرون في جهنم .

10- النعي على المشركين باتخاذ الشركاء ، وفي يوم القيامة سيكون الشركاء أعداء لمن عبدوهم من دون الله .

11- التفرقة بين حشر المتين إلى دار الكرامة ، وسوق المجرمين إلى دار الخزي والهوان .

12- النعي الشديد على من ادعى : أن لله ولدا .

13- أنزل الله القرآن بلسان عربي مبين ؛ ليبشر المتقين ، وينذر العتاة الظالمين .

i - في ظلال القرآن 16/24 ط 1 .

ii - تفسير الطبري 16/102 ط 1 بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق سنة 1328 .

iii - لا نورث ما تركنا صدقة :

رواه البخاري في فرض الخمس ح 3049 ، 3093 ، والمغازي ح 4241 ، 4063 ، 2034 ، والنفقات ح 5358 ، والفرائض ح 673 ، 6728 ، 6725 ، والاعتصام ح 177 ، 7305 ، ومسلم في الجهاد 1761 ، 1759 ، والترمذي في السير 1610 ، والنسائي في قسم الفيء ح 4148 ، وأبو داود في الخراج ح 2968 ، 2963 ، وأحمد ح 173 ، 59 ، 26 ، 10 .

iv - تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح :

رواه البخاري في الأذان ح 649 ، وتفسير القرآن ح 4717 ، ومسلم في المساجد ح 649 ، والترمذي في التفسير ح 3135 ، والنسائي في الصلاة ح 486 ، وابن ماجة في الصلاة ح 670 ، وأحمد ح 9783 ، 7557 ، 7145 ، من حديث أبي هريرة أيضا بلفظ : فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمسة وعشرون درجة وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح يقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا } . ورواه البخاري في مواقيت الصلاة ح 555 ، والتوحيد ح 7486 ، 7429 ، ومسلم في المساجد ح 632 ، والنسائي في الصلاة ح 485 ، وأحمد ح 9936 ، 27336 ، مالك في النداء للصلاة ح 413 ، من حديث أبي هريرة بلفظ : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار . . . ) الحديث .

v - لا يتمنين أحدكم الموت من ضرّ أصابه :

رواه البخاري في المرضى ( 5671 ) والدعوات ( 351 ) ومسلم في الذكر ( 2680 ) وأبو داود في الجنائز ( 3108 ) وأحمد في مسنده ( 11568 ) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا ؛ فليقل : اللهم ، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) .

vi - إنهم كانوا يسمّون بأنبيائهم والصالحين قبلهم :

رواه مسلم في الآداب ( 2135 ) والترمذي في التفسير ( 3155 ) وأحمد في مسنده ( 17736 ) من حديث المغيرة بن شعبة قال : لما قدمت نجران سألوني فقالوا : إنكم تقرءون { يا أخت هارون } وموسى قبل عيسى بكذا وكذا فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال ( إنهم كانوا يسمّون بأنبيائهم والصالحين قبلهم ) .

vii - يشتمني ابن آدم :

رواه البخاري في بدء الخلق ح 3193 ، والنسائي في الجنائز ح 2078 ، وأحمد ح 8870 .

viii - مختصر تفسير ابن كثير تحقيق الصابوني 2/451 .

ix - محاضرات في التاريخ الإسلامي لطلبة كلية العلوم جامعة القاهرة . أ . د حلمي . . . سنة 1954 م ( مخطوط ) .

x - يؤتى بالموت على صورة كبش :

رواه البخاري في تفسير القرآن ( 4730 ) والترمذي في تفسير القرآن ( 3156 ) من حديث أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد : يا أهل الجنة ، فيشرئبّون وينظرون فيقول : هل تعرفون هذا فيقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم ينادي : يا أهل النار فيشرئبوّن وينظرون فيقول : هل تعرفون هذا فيقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رأوه فيذبح ثم يقول : يا أهل الجنة ، خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ { وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة } وهؤلاء غفلة أهل الدنيا { وهم لا يؤمنون } ) . ورواه ابن ماجة في الزهد ( 4327 ) والدارمي في الرقاق ( 2811 ) وأحمد في مسنده ( 9186 ، 8689 ، 7493 ) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يؤتى بالموت بكبش أغبر فيوقف بين الجنة والنار فيقال : يا أهل الجنة ، فيشرئبّون وينظرون ويقال : يا أهل النار ، فيشرئبّون وينظرون ويرون أن قد جاء الفرج فيذبح ويقال : يا أهل الجنة ، فيشرئبّون وينظرون ويرون أن قد جاء الفرج فيذبح ويقال : خلود لا موت ) .

xi - انظر تفسير الآلوسي والمراغي .

xii - في ظلال القرآن 16/ 45 ، 44 طبعة عيس البابي الحلبي وشركاه ، وانظر تفسير المراغي 16/64 ، حيث أفاد : أن الباحثين في الآثار المصرية ، يعتقدون أن أوزوريس صعد إلى السماء ، وله فيها عرش عظيم .

xiii - التائب من الذنب كمن لا ذنب له :

رواه ابن ماجة في الزهد ( 4250 ) من حديث ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) .

xiv - ما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضت عليه :

رواه البخاري في الرقاق ( 6502 ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه وما تردّدت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ) . قلت : تفرد به البخاري وهو من رواية خالد بن مخلد ، وقد قال بعضهم : لولا هيبة الصحيح ؛ لعدوه من منكرات خالد بن مخلد .

xv - وعزّتي وجلالي لو أتاني عبدي ليلا لقبلته :

لم أقف عليه .

xvi - ألا تزورنا أكثر مما تزورنا :

رواه البخاري في بدء الخلق ( 3218 ) والتفسير ( 4731 ) والتوحيد ( 7455 ) والترمذي في التفسير ( 3158 ) وأحمد في مسنده ( 2044 ) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : ( ألا تزورنا أكثر مما تزورنا ) . قال : فنزلت : { وما ننزل إلا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا . . . } الآية .

xvii - عليك بسبحان الله والحمد لله :

رواه ابن ماجة في الأدب ( 3813 ) من حديث أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليك بسبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ؛ فإنه يعني يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها .

xviii - انظر مختصر تفسير ابن كثير تحقيق الصابوني ، وفي بعض الروايات : أن خباب بن الأرت صنع سيفا ، للعاص بن وائل ، فلما تقاضاه ثمنه ، تهكّم به .

xix - تفسير ابن كثير ، والآلوسي .

xx - مختصر تفسير ابن كثير تحقيق الصابوني 2/465 .

xxi - رواه ابن أبي حاتم ، وابن جرير ، وأن جرير ، وانظر مختصر تفسير ابن كثير الصابوني 2/466 .

xxii - مختصر تفسير ابن كثير تحقيق محمد علي الصابوني 2/466 .

xxiii - من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة :

قال السيوطي في ذر المنثوري : وأخرج الطبراني في الوسط ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة ، قد حافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص منها شيئا ؛ جاء له عند الله عهد أن لا يعذبه ، ومن جاء قد انتقص منهنّ شيئا ؛ فليس له عند الله عهد ، إن شاء رحمه وإن شاء عذبه ) .

xxiv - يشمتني ابن آدم .

تقدم تخريجه ص ( 3094 ) .

xxv - لا أحد أصبر على أذى :

رواه البخاري في الأدب ح 6099 ، والتوحيد ح 7378 ، ومسلم في صفة القيامة ح 2804 ، وأحمد ح 19092 ، 19136 . من حديث أبي موسى مرفوعا : ( ليس أحد أو ليس شيء أصبر على أذى سمعه من الله . . . الحديث ) .

xxvi - انظر مختصر تفسير ابن كثير للصابوني حيث قال في التعليق عليه ، ويشهد له حديث البطاقة ، والله أعلم . 1 ه . وقد ورد في السنة النبوية ما يفيد : أن النار لا يبقى فيها من قال : ( لا إله إلا الله ) .

xxvii - إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل :

رواه البخاري في بدء الخلق ( 3209 ) ومسلم في البر والصلة ( 2637 ) .

xxviii - مختصر تفسير ابن كثير تحقيق محمد الصابوني 2/468 .

xxix - في ظلال القرآن 16/ 57 مطبعة عيسى البابي الحلبي .