معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا} (28)

قوله تعالى : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً } على أنك نبي صادق فيما تخبر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا} (28)

{ هو الذي أرسل رسوله بالهدى } ملتبسا به أو بسببه أو لأجله . { ودين الحق } وبدين الإسلام . { ليظهره على الدين كله } ليغلبه على جنس الدين كله بنسخ ما كان حقا وإظهار فساد ما كان باطلا ، أو بتسليط المسلمين على أهله إذ ما من أهل دين إلا وقد قهرهم المسلمون ، وفيه تأكيد لما وعده من الفتح . { وكفى بالله شهيدا } على أن ما وعده كائن أو على نبوته بإظهار المعجزات .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا} (28)

زيادة تحقيق لصدق الرؤيا بأن الذي أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بهذا الدين ما كان ليريه رؤيا صادقة . فهذه الجملة تأكيد للتحقيق المستفاد من حرف ( قد ) ولام القسم في قوله : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق } [ الفتح : 27 ] . وبهذا يظهر لك حسن موقع الضمير والموصولِ في قوله : { هو الذي أرسل رسوله } لأن الموصول يفيد العلم بضمون الصلة غالباً .

والضمير عائد إلى اسم الجلالة في قوله : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا } ، وهم يعلمون أن رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم وحي من الله فهو يذكرهم بهاتين الحقيقتين المعلومتين عندهم حين لم يجروا على موجَب العلم بهما فخامرتهم ظنون لا تليق بمن يعلم أن رؤيا الرسول وحي وأن الموحي له هو الذي أرسله فكيف يريه رؤيا غير صادقة . وفي هذا تذكير ولَوْم للمؤمنين الذين غفلوا عن هذا وتعريض بالمنافقين الذين أدخلوا التردد في قلوب المؤمنين .

والباء في { بالهدى } للمصاحبة وهو متعلق ب { أرسل } والهدى أطلق على ما به الهدى ، أي كقوله تعالى : { ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين } [ البقرة : 2 ] ، وقوله : { شهرُ رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس } [ البقرة : 185 ] . وعطف { دين الحق } على الهدى ليشمل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأحكام أصولها وفروعها مما أوحي به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم سوى القرآن من كل وحي بكلام لم يقصد به الإعجاز أو كان من سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم

ويجوز أن يكون المراد { بالهدى } أصول الدين من اعتقاد الإيمان وفضائل الأخلاق التي بها تزكية النفس ، و { بدين الحق } : شرائع الإسلام وفروعه .

واللام في { ليظهره } لتعليل فعل { أرسل } ومتعلقاته ، أي أرسله بذلك ليظهر هذا الدين على جميع الأديان الإلهية السالفة ولذلك أكد ب { كله } لأنه في معنى الجمع . ومعنى { يظهره } يُعْلِيه . والإظهار : أصله مشتق من ظهر بمعنى بدا ، فاستعمل كناية عن الارتفاع الحقيقي ثم أطلق مجازاً عن الشرف فصار أظهره بمعنى أعلاه ، أي ليشرفه على الأديان كلها ، وهذا كقوله في حق القرآن { مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه } [ المائدة : 48 ] .

ولما كان المقصود من قوله : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى الخ الشهادة بأن الرؤيا صدْق ذيّل الجملة بقوله : وكفى باللَّه شهيداً } أي أجزأتكم شهادة الله بصدق الرؤيا إلى أن تروا مَا صْدَقَها في الإبان . وتقدم الكلام على نظير { وكفى باللَّه شهيداً } في آخر سورة النساء ( 79 ) .