معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ} (82)

قوله تعالى : { وإني لغفار لمن تاب } قال ابن عباس : تاب من الشرك ، { وآمن } ووحد الله وصدقه { وعمل صالحاً } أدى الفرائض { ثم اهتدى } قال عطاء عن ابن عباس علم أن ذلك توفيق من الله . وقال قتادة ، و سفيان الثوري يعني : لزم الإسلام حتى مات عليه . قال الشعبي ، و مقاتل ، و الكلبي : علم أن لذلك ثواباً . وقال زيد بن أسلم : تعلم العلم ليهتدي به كيف يعمل قال الضحاك : استقام . وقال سعيد بن جبير : أقام على السنة والجماعة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ} (82)

{ وإني لغفار لمن تاب } عن الشرك . { وآمن } بما يجب الإيمان به . { وعمل صالحا ثم اهتدى } ثم استقام على الهدى المذكور .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ} (82)

ولما حذر لله تعالى غضبه والطغيان في نعمه فتح باب الرجاء للتائبين ، والتوبة فرض على جميع الناس بقوله تعالى في سورة النور :

{ وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون }{[8145]} [ النور : 31 ] . والناس فيه على مراتب إما مواقع الذنب وقدرته على ذلك باقية فتوبته الندم على ما مضى والإقلاع التام عن مثله في المستقبل ، وإما الذي واقع الذنب ثم زالت قدرته عن مواقعته لشيخ أو آفة فتوبته الندم واعتقاد الترك أن لو كانت قدوة ، وأما لم يواقع ذنباً فتوبته العزم على ترك كل ذنب والتوبة من ذنب تصح مع الإقامة على غيره وهي توبة مقيدة ، وإذا تاب المرء ثم عاود الذنب بعد مدة فيحتمل عند حذاق أهل السنة أن لا يعيد الله تعالى عليه الذنب الأول لأن التوبة قد كانت مجبة ، ويحتمل أن يعيده لأنها توبة لم يواف بها ، واضطرب الناس في قوله { ثم اهتدى } من حيث وجدوا الهدى ضمن الإيمان والعمل ، فقالت فرقة معناه لم يشك في إيمانه ، وقالت فرقة معناه ثم استقام ، وقالت فرقة معناه ثم لزم الإسلام حتى يموت عليه ، وقالت فرقة ثم اخذ بسنة نبيه ، وقالت فرقة معناه أمر بسنته ، وقالت فرقة معناه والى أهل البيت ع وهذه كلها تخصيص واحد منها دون ما هو من نوعه بعيد ليس بالقوي ، والذي يقوى في معنى { ثم اهتدى } أن يكون ثم حفظ معتقداته من أن يخالف الحق في شيء من الأشياء فإن الاهتداء على هذا الوجه غير الإيمان وغير العمل ، ورب مؤمن عمل صالحاً قد أوبقه عدم الاهتداء كالقدرية والمرجئة وسائر أهل البدع والخوارج فمعنى { ثم اهتدى } ثم مشى في عقائد الشرع على طريق قويم جعلنا الله منهم بمنه ع وفي حفظ المعتقدات ينحصر عظم أمر الشرع .


[8145]:من الآية (31) من سورة (النور).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ} (82)

جملة { وإنّي لغَفَّارٌ } إلى آخرها استطراد بعد التحذير من الطغيان في النعمة بالإرشاد إلى ما يتدارك به الطغيان إن وقع بالتوبة والعمل الصالح . ومعنى { تَابَ } : ندم على كفره وآمن وعمل صالحاً .

وقوله { ثُمَّ اهتدى } ( ثم ) فيه للتراخي في الرتبة ؛ استعيرت للدلالة على التباين بين الشيئين في المنزلة كما كانت للتباين بين الوقتين في الحدوث . ومعنى { اهتدى : استمرّ على الهدى وثبت عليه ، فهو كقوله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } [ الأحقاف : 13 ] .

والآيات تشير إلى ما جاء في الإصحاح من سفر الخروج « الرب إله رحيم ورؤوف ، بطيء الغضب وكثير الإحسان غافر الإثم والخطيئة ولكنّه لن يبرىء إبراء » .