البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ} (82)

ولما حذر تعالى من الطغيان فيما رزق وحذر من حلول غضبه فتح باب الرجاء للتائبين وأتى بصيغة المبالغة وهي قوله { وإني لغفار لمن تاب } قال ابن عباس من الشرك { وآمن } أي وحد الله { وعمل صالحاً } أدى الفرائض { ثم اهتدى } لزم الهداية وأدامها إلى الموافاة على الإسلام .

وقيل : معناه لم يشك في إيمانه .

وقيل : ثم استقام .

قال ابن عطية : والذي تقوى في معنى { ثمّ اهتدى } أن يكون ثم حفظ معتقداته من أن يخالف الحق في شيء من الأشياء ، فإن الاهتداء على هذا الوجه غير الإيمان وغير العمل .

وقال الزمخشري : الاهتداء هو الاستقامة والثبات على الهدى المذكور وهو التوبة والإيمان والعمل الصالح ، ونحوه : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } وكلمة التراخي دلت على تباين المنزلتين دلالتها على تباين الوقتين في جاءني زيد ثم عمر ، وأعني أن منزلة الاستقامة على الخبر مباينة لمنزلة الخبر نفسه لأنها أعلى منه وأفضل .