نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ} (82)

ولما كان الإنسان محل الزلل وإن اجتهد ، رجاه{[49632]} واستعطفه{[49633]} بقوله : { وإني لغفار } أي ستار بإسبال ذيل العفو { لمن تاب } أي رجع عن ذنوبه من الشرك وما يقاربه { وءامن } بكل ما يجب الإيمان به { وعمل صالحاً } تصديقاً لإيمانه .

ولما كانت رتبة{[49634]} الاستمرار على الاستقامة في غاية العلو ، عبر عنها بأداة التراخي فقال : { ثم اهتدى* } أي استمر على العمل الصالح متحرياً به إيقاعه على حسب أمرنا وعلى أقرب الوجوه المرضية{[49635]} لنا ، له إلى ذلك{[49636]} غاية التوجه كما يدل{[49637]} عليه صيغة افتعل ، وكأنه لما رتب الله سبحانه منازل قوم موسى عليه السلام عامة والسبعين المختارين منهم خاصة{[49638]} في الجبل - كما مضى عن نص التوراة في سورة البقرة ، وواعده الكلام بعد ثلاثين ليلة ولم يعين له أولها{[49639]} ، وكأنه لاشتياقه إلى ما رأى من التعرف إليه بمقام الجمال لم يتوقف على خصوص إذن من الله تعالى في أول وقت الإتيان اكتفاء بمطلق الأمر السابق في الميعاد ، فتعجل بعشرة أيام عن الوقت الذي علم الله أن الكلام يقع فيه{[49640]} بعد الثلاثين التي{[49641]} ضربها لذلك ، وأمر موسى عليه السلام قومه عند{[49642]} نهوضه ، وتقدم إليهم في اتباعه والكون في أثره للحلول في الأماكن التي حدها الله لهم وأمر السبعين المختارة بمثل ذلك ، وكأنهم لما مضى تلبثوا لما رأوا من مقام الجلال ، فلما مضت الثلاثون بعد ذهاب موسى لم يكن أتى الوقت الذي أراد الله أن تكون المناجاة فيه ، فزاده عشراً فظن بنو اسرائيل الظنون في تلك العشرة ، ووقع لهم{[49643]} ما وقع من اتخاذ العجل .


[49632]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49633]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49634]:من ظ ومد، وفي الأصل : زينة.
[49635]:سقط من مد.
[49636]:بين سطري ظ: أي العمل الصالح.
[49637]:في مد: تدل.
[49638]:سقط من ظ.
[49639]:بين سطري ظ: الثلاثين.
[49640]:في مد: به.
[49641]:من ظ ومد وفي الأصل: الذي.
[49642]:زيد من ظ ومد.
[49643]:من ظ ومد وفي الأصل: بهم