الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ} (82)

ثم رجى سبحانه عباده بقوله : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ } [ طه : 82 ] والتوبة من ذنب تصح مع الإقامة على غيره وهي توبة مفيدة وإذا تاب العبد ، ثم عَاوَدَ الذنب بعينه بعد مُدّة فيحتمل عند حُذَّاق أهل السنة : أَلاَّ يعيدَ اللّهُ تعالى عليه الذنبَ الأول لأن التوبةَ قد كانت محْتهُ ، ويُحتمل : أن يعيده ؛ لأنها توبةٌ لم يوف بها ، واضطرب الناس في قوله سبحانه : { ثُمَّ اهتدى } من حيث وَجَدُوا الهدى ضمن الإيمان والعمل ؛ فقالت فرقة : ثم لزم الإسلام حتى يموت عليه .

وقيلَ : غير هذا ، والذي يقوى في معنى : { ثُمَّ اهتدى } أن يكون : ثم حفظ معتقداتِه من أن تخالف الحق في شَيْء من الأَشياء فإن الاهتداءَ على هذا الوجه غيرُ الإيمان ، وغيرُ العَمَلِ وَرُبَّ مُؤْمِنٍ عمل صالحاً قد أوبقه عدم الاهْتداء كالقدرية والمُرْجِئة ، وسائر أهل البدع ، فمعنى : { ثُمَّ اهتدى } : ثم مشى في عقائد الشَّرْعِ على طريقٍ قَوِيم جعلنا اللّه منهم بمنه وفي حِفْظ المعتقَدَاتِ ينحصر معظم أمر الشرع .