ثم قال :{ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ }{[26032]} .
واعلم أنه تعالى وصف نفسه بكونه غافراً وغفَّاراً ، وبأن له غفراناً ومغفرةَ ، وعبر عنه بلفظ الماضي والمستقبل والأمر . أما كون وصفه غافراً فقوله{[26033]} : { غافر الذنب }{[26034]} وأما كونه غَفُوراً فقوله : { وَرَبُّكَ الغفور }{[26035]} ( وأما كونه غفَّاراً فقوله : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ }{[26036]} لِّمَن تَابَ وَآمَنَ }{[26037]} وأما الغفران فقوله : { غُفْرَانَكَ رَبَّنَا }{[26038]} .
وأما المغفرة فقوله{[26039]} : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو{[26040]} مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ }{[26041]} .
وأما صيغة الماضي فقوله في حق داود : { فَغَفَرْنَا لَهُ }{[26042]} .
وأما صيغة المستقبل فقوله : { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ }{[26043]} وقوله : { إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً }{[26044]} وقوله : { لِّيَغْفِرَ لَكَ الله }{[26045]} وأما لفظ الاستغفار فقوله{[26046]} : { استغفروا رَبَّكُمْ }{[26047]} { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ{[26048]} آمَنُواْ }{[26049]} وهاهنا نكتة وهي أنَّ العبد له أسماء ثلاثة : الظالم ، والظَّلوم ، والظَّلاَّم إذا كثر منه الظلم ، ولله في مقابلة كل واحد{[26050]} من هذه الأسماء اسماً فكأنه تعالى قال : إن كنتَ ظالماً فأنا غافرٌ ، وإن كنت ظلوماً فأنا غَفوٌ ، وإن كنت ظلاَّماً فانَا غَفَّارٌ{[26051]} .
قال ابن عباس{[26052]} : " مَنْ تَابَ " عن الشرك " وَآمَنَ " وَحَّدَ الله وصدّقه " وَعَمِلَ صَالِحاً " أدَّى الفرائض " ثُمَّ اهتَدَى " علم أنَّ ذلك توفيق من الله عز وجل . وقال قتادة وسفيان{[26053]} الثوري : لزم الإسلام حتى مات عليه . وقال الشعبي ومقاتل والكلبي : علم أنَّ لذلك ثواباً . وقال زيد بن أسلم : تعلَّم العلم ليهتدي كيف يعمل . وقال سعيد بن جبير : أقام على السنة والجماعة{[26054]} .
قال بعضهم : تجبُ التوبةُ عن الكفر أولاً ثم الإتيان بالإيمان ثانياً ، لهذه{[26055]} الآية ، فإنه{[26056]} قدم التوبة على الإيمان .
ودلَّت هذه الآية أيضاً{[26057]} على أن{[26058]} العمل الصالح غيرُ{[26059]} داخلٍ في الإيمان ، لأنه تعالى عطف العمل الصالح على الإيمان ، والمعطوف يغاير المعطوف عليه{[26060]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.