اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ} (82)

ثم قال :{ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ }{[26032]} .

واعلم أنه تعالى وصف نفسه بكونه غافراً وغفَّاراً ، وبأن له غفراناً ومغفرةَ ، وعبر عنه بلفظ الماضي والمستقبل والأمر . أما كون وصفه غافراً فقوله{[26033]} : { غافر الذنب }{[26034]} وأما كونه غَفُوراً فقوله : { وَرَبُّكَ الغفور }{[26035]} ( وأما كونه غفَّاراً فقوله : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ }{[26036]} لِّمَن تَابَ وَآمَنَ }{[26037]} وأما الغفران فقوله : { غُفْرَانَكَ رَبَّنَا }{[26038]} .

وأما المغفرة فقوله{[26039]} : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو{[26040]} مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ }{[26041]} .

وأما صيغة الماضي فقوله في حق داود : { فَغَفَرْنَا لَهُ }{[26042]} .

وأما صيغة المستقبل فقوله : { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ }{[26043]} وقوله : { إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً }{[26044]} وقوله : { لِّيَغْفِرَ لَكَ الله }{[26045]} وأما لفظ الاستغفار فقوله{[26046]} : { استغفروا رَبَّكُمْ }{[26047]} { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ{[26048]} آمَنُواْ }{[26049]} وهاهنا نكتة وهي أنَّ العبد له أسماء ثلاثة : الظالم ، والظَّلوم ، والظَّلاَّم إذا كثر منه الظلم ، ولله في مقابلة كل واحد{[26050]} من هذه الأسماء اسماً فكأنه تعالى قال : إن كنتَ ظالماً فأنا غافرٌ ، وإن كنت ظلوماً فأنا غَفوٌ ، وإن كنت ظلاَّماً فانَا غَفَّارٌ{[26051]} .

قال ابن عباس{[26052]} : " مَنْ تَابَ " عن الشرك " وَآمَنَ " وَحَّدَ الله وصدّقه " وَعَمِلَ صَالِحاً " أدَّى الفرائض " ثُمَّ اهتَدَى " علم أنَّ ذلك توفيق من الله عز وجل . وقال قتادة وسفيان{[26053]} الثوري : لزم الإسلام حتى مات عليه . وقال الشعبي ومقاتل والكلبي : علم أنَّ لذلك ثواباً . وقال زيد بن أسلم : تعلَّم العلم ليهتدي كيف يعمل . وقال سعيد بن جبير : أقام على السنة والجماعة{[26054]} .

فصل

قال بعضهم : تجبُ التوبةُ عن الكفر أولاً ثم الإتيان بالإيمان ثانياً ، لهذه{[26055]} الآية ، فإنه{[26056]} قدم التوبة على الإيمان .

ودلَّت هذه الآية أيضاً{[26057]} على أن{[26058]} العمل الصالح غيرُ{[26059]} داخلٍ في الإيمان ، لأنه تعالى عطف العمل الصالح على الإيمان ، والمعطوف يغاير المعطوف عليه{[26060]} .


[26032]:في ب: وآمن وعمل صالحا.
[26033]:في ب: وإنما وصف نفسه بكونه غافرا قوله.
[26034]:[غافر: 3].
[26035]:في ب: وأما قوله غفور، وقوله: {وربك الغفور}. من قوله تعالى: {وربك الغفور ذو الرحمة} [الكهف: 58].
[26036]:ما بين المعقوفين سقط من ب.
[26037]:[طه: 82].
[26038]:في ب: {غفرانك ربنا وإليك المصير}[البقرة: 285].
[26039]:في ب: وأما المغفرة فقوله: "وربك الغفور" وقوله. وهو تحريف.
[26040]:في الأصل: لذوا. وهو تحريف.
[26041]:في ب: على الناس. وهو تحريف.
[26042]:من قوله تعالى: {فغفرنا له ذلك وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مئاب} [ص: 25].
[26043]:[النساء: 48، 116].
[26044]:[الزمر: 53].
[26045]:[الفتح: 2].
[26046]:فقوله: سقط من ب.
[26047]:في ب: {واستغفروا ربكم} [هود: 3،52، 90] و[نوح: 10].
[26048]:[غافر: 7].
[26049]:انظر الفخرالرازي 22/96.
[26050]:في ب: كل اسم.
[26051]:انظر الفخر الرازي 22/97.
[26052]:من هنا نقله ابن عادل عن البغوي 5/944.
[26053]:سفيان: سقط من ب.
[26054]:آخر ما نقله هنا عن البغوي 5/449.
[26055]:في بك كهذه. وهو تحريف.
[26056]:في ب: لأنه.
[26057]:في ب: ودلت هذه الإيمان. وهو تحريف.
[26058]:أن: سقط من ب.
[26059]:في ب: أنه غير.
[26060]:انظر الفخر الرازي 22/98.