يقول تعالى لعبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، لما قص عليه نبأ إخوة يوسف ، وكيف رفعه الله عليهم ، وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم ، مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والإعدام : هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة ، { نُوحِيهِ إِلَيْكَ } ونعلمك به لما فيه من العبرة لك والاتعاظ لمن خالفك ، { وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ } حاضرا عندهم ولا مشاهدا لهم { إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ } أي : على إلقائه في الجب ، { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } به ، ولكنا أعلمناك به وحيا إليك ، وإنزالا عليك ، كما قال تعالى : { وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } [ آل عمران : 44 ]وقال تعالى : { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ } [ القصص : 44 ]إلى أن قال : { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ } [ القصص : 46 ] وقال { وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } [ القصص : 45 ] وقال { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإ الأعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِين } [ ص : 69 ، 70 ]
يقرر تعالى أنه رسوله ، وأنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس ونجاة لهم في دينهم ودنياهم ؛ ومع هذا ما آمن أكثر الناس ؛ ولهذا قال : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }
وقال { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [ الأنعام : 116 ] إلى غير ذلك من الآيات .
تذييل للقصة عند انتهائها . والإشارة إلى ما ذُكر من الحادث أي ذلك المذكور .
واسم الإشارة لتمييز الأنباء أكمل تمييز لتتمكن من عقول السامعين لما فيها من المواعظ .
و { الغيب } ما غاب عن علم الناس ، وأصله مصدر غاب فسمي به الشيء الذي لا يشاهد . وتذكير ضمير { نوحيه } لأجل مراعاة اسم الإشارة .
وضمائر { لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون } عائدة إلى كل من صدر منه ذلك في هذه القصة من الرجال والنساء على طريقة التغليب ، يشمل إخوة يوسف عليه السلام والسيارةَ ، وامرأةَ العزيز ، ونسوتَها .
و { أجمعوا أمرهم } تَفسيره مثل قوله : { وأجمعوا أن يجعلوه في غيابَات الجب } [ يوسف : 15 ] .
والمكر تقدم ، وهذه الجملة استخلاص لمواضع العبرة من القصة . وفيها منّة على النبي ، وتعريض للمشركين بتنبيههم لإعجاز القرآن من الجانب العلمي ، فإن صدور ذلك من النّبي الأميّ آية كبرى على أنه وحي من الله تعالى . ولذلك عقب بقوله : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } .
وكان في قوله : { وما كنت لديهم } توركاً على المشركين . وجملة { وما كنت لديهم } في موضع الحال إذ هي تمام التعجيب .
وجملة { وهم يمكرون } حال من ضمير { أجمعوا } ، وأتي { يمكرون } بصيغة المضارع لاستحضار الحالة العجيبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.