مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ} (102)

قوله تعالى { ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون }

اعلم أن قوله : { ذلك } رفع بالابتداء وخبره { من أنباء الغيب نوحيه إليك } خبر ثان { وما كنت لديهم } أي ما كنت عند إخوة يوسف { إذ أجمعوا أمرهم } أي عزموا على أمرهم وذكرنا الكلام في هذا اللفظ عند قوله : { فأجمعوا أمركم } وقوله : { وهم يمكرون } أي بيوسف ، واعلم أن المقصد من هذا إخبار عن الغيب فيكون معجزا . بيان إن إخبار عن الغيب أن محمدا صلى الله عليه وسلم ما طالع الكتب ولم يتلمذ لأحد وما كانت البلدة بلدة العلماء فإتيانه بهذه القصة الطويلة على وجه لم يقع فيه تحريف ولا غلط من غير مطالعة ولا تعلم ، ومن غير أن يقال : إنه كان حاضرا معهم لا بد وأن يكون معجزا وكيف يكون معجزا وقد سبق تقرير هذه المقدمة في هذا الكتاب مرارا ، وقوله : { وما كنت لديهم } أي وما كنت هناك ذكر على سبيل التهكم بهم ، لأن كل أحد يعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم ما كان معهم .