اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ} (102)

قوله تعالى : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ الغيب } الآية " ذَلِكَ " : مبتدأ و { مِنْ أَنْبَآءِ الغيب } : خبره ، و " نُوحِيهِ " : حالٌ ، ويجوز أن يكون خبراً ثانياً ، أو حالاً من الضمير في الخبر ، وجوز الزمخشري : أن يكون موصولاً بمعنى : الذي ، وتقدَّم نظيهر ، والمعنى : ذلك الذي ذكرت من أنباء الغيب نوحيه إليك ، وما كنت يا محمَّد عند أولاد يعقوب ، { إِذْ أجمعوا أَمْرَهُمْ } أي عزموا على إلقاء يوسف في الجبِّ ، وما كنت هناك ، ذكره على وجه التَّهكُّم ، وتقدَّم الكلام على هذا اللفظ عند قوله : { فأجمعوا أَمْرَكُمْ } [ يونس : 71 ] وقوله : { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } أي : بيوسف والمقصود من هذا إخبار عن الغيبن فكيون معجزاً ؛ لأنَّ محمداً صلوات الله وسلامه عليه لم يطالع الكتب ، ولم يتلمذْ لأحد ، ما كانت بلدته بلدة العلماء ؛ فإتيانه بهذه القصَّة الطويلة ، على وجه لم يقع فيها تحريف ، ولا غلطٌ من غير مطالعةٍ ، و لاتعلم ، كيف لا يكون معجزاً ؟ .

روي أن اليهود وقريشاً سألوا رسو الله صلى الله عليه وسلم عن قصَّة يوسف ؛ فلما أخبرهم على موافقة التَّوراة لم يسلموا ، فحزن النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فقيل : إنهم لا يؤمنون ، ولو حرصت على إيمانهم .

قوله { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } : حال .