السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ} (102)

ولما تمّ الذي كان من أمر يوسف عليه السلام وإخوته على الوجه الأحكم ، والصراط الأقوم من ابتدائه إلى انتهائه قال تعالى مشيراً إلى أنه دليل كاف في تصحيح نبوّته صلى الله عليه وسلم بقوله : { ذلك } ، أي : الذي ذكرته لك يا محمد من قصة يوسف عليه السلام وما جرى له مع إخوته ، ثم صار إلى الملك بعد الرق { من أنباء الغيب } ، أي : أخبار ما غاب عنك { نوحيه إليك } ، أي : الذي أخبرناك به من أخبار يوسف وحي أوحيناه إليك { و } الحال إنك { ما كنت لديهم } ، أي : عند إخوة يوسف عليه السلام { إذ } ، أي : حين { أجمعوا أمرهم } ، أي : عزموا على أمر واحد ، وهو إلقاء يوسف في الجب { وهم يمكرون } ، أي : يدبرون الأذى في الخفية بيوسف ، والمعنى أنّ هذا النبأ غيب ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ما طالع الكتب ولا تتلمذ لأحد ، ولا كانت البلدة بلدة العلماء ، وإتيانه صلى الله عليه وسلم بهذه القصة الطويلة على وجه لا يقع فيه تحريف ولا غلط من غير مطالعة ولا تعلم ، ومن غير أن يقال : إنه حاضر معهم لا بدّ وأن يكون معجزاً وقوله تعالى : { وما كنت لديهم } ذكر على سبيل التهكم بهم ؛ لأنّ كل أحد يعلم أنّ محمداً صلى الله عليه وسلم ما كان معهم .