معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

قوله تعالى : { ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم } . قرأ نافع وحمزة والكسائي متم بكسر الميم ، وقرأ الآخرون بالضم ، فمن ضمه فهو من مات يموت ، كقولك من قال يقول قلت بضم القاف ، ومن كسره فهو من مات يمات ، كقولك من يخاف خفت .

قوله تعالى : { لمغفرة من الله } . في العاقبة .

قوله تعالى : { ورحمة خير مما يجمعون } . من الغنائم ، قراءة العامة تجمعوا بالتاء ، لقوله ( ولئن قتلتم ) . وقرأ حفص عن عاصم يجمعون بالياء ، يعني خير مما يجمع الناس .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

وقوله : { وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } تضمن هذا أن القتل في سبيل الله ، والموت أيضا ، وسيلة إلى نيل رحمة الله وعَفوه ورضوانه ، وذلك خير من البقاء في الدنيا وجمع حطامها الفاني .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتّمْ لَمَغْفِرَةٌ مّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مّمّا يَجْمَعُونَ }

يخاطب جلّ ثناؤه عباده المؤمنين يقول لهم : لا تكونوا أيها المؤمنون في شكّ من أن الأمور كلها بيد الله ، وأن إليه الإحياء والإماتة ، كما شكّ المنافقون في ذلك ، ولكن جاهدوا في سبيل الله ، وقاتلوا أعداء الله على يقين منكم بأنه لا يقتل في حرب ، ولا يموت في سفر إلا من بلغ أجله وحانت وفاته . ثم وعدهم على جهادهم في سبيله المغفرة والرحمة ، وأخبرهم أن موتا في سبيل الله وقتلاً في الله خير لهم مما يجمعون في الدنيا من حطامها ورغيد عيشها الذي من أجله يتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله ويتأخرون عن لقاء العدوّ . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { وَلَئِنْ قُتِلُتْم فِي سَبِيلِ اللّهِ أوْ مُتّمْ لمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجمَعُونَ } : أي إن الموت كائن لا بد منه ، فموت في سبيل الله أو قتل خير لو علموا فأيقنوا مما يجمعون في الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد ، تخوّفا من الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا وزهادة في الاَخرة .

وإنما قال الله عزّ وجلّ : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ } وابتدأ الكلام : «ولئن متم أو قتلتم » بحذف جزاء «لئن » لأن في قوله : { لَمَغَفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ } معنى جواز للجزاء ، وذلك أنه وعد خرج مخرج الخبر .

فتأويل الكلام : ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم ، ليغفرنّ الله لكم وليرحمنكم ، فدلّ على ذلك بقوله : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ } وجمع مع الدلالة به عليه الخبر عن فضل ذلك على ما يؤثرونه من الدنيا ، وما يجمعون فيها .

وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أنه إن قيل : كيف يكون : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ } جوابا لقوله : { وَلَئِنَ قُتِلتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أوْ مُتّمْ } فإن القول فيه أن يقال فيه : كأنه قال : ولئن متم أو قتلتم ، فذكر لهم رحمة من الله ومغفرة ، إذ كان ذلك في السبيل ، فقال : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ } يقول : لذلك { خَيرٌ مِمّا تَجْمَعُونَ } يعني لتلك المغفرة والرحمة خير مما تجمعون . ودخلت اللام في قوله : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ } لدخولها في قوله : «ولئن » ، كما قيل : { وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُولّنّ الأدْبارَ } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

ذكر ترغيباً وترهيباً ، فجعل الموت في سبيل الله والموت في غير سبيل الله ، إذا أعقبتهما المَغفرة خيراً من الحياة وما يجمعون فيها ، وجعل الموت والقتل في سبيل الله وسيلة للحشر والحساب فلْيَعْلَم أحد بماذَا يُلاقي ربّه . والواو للعطف على قوله : { لا تكذبوا كالذين كفروا } وعلى قوله : { والله يحي ويميت } [ آل عمران : 156 ]