غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

151

ثم إنه لما كذب الكافرين في قولهم : { لإخوانهم لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا } ونهى المؤمنين عن كونهم مثلهم لأنه يسبب التقاعد عن الجهاد وينفر الطبع عنه رغبهم فيه بقوله : { ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة } شيء من مغفرته ورحمته { خير مما يجمعون } فاللام الأولى هي الموطئة ، والثانية لام جواب القسم المقدر ، وكذا في الآية الأخرى . والمعنى أن القتل والموت في السفر غير لازم الحصول لأن ذلك منوط بالقدر لا بالسفر . ولئن سلم أنه لازم فإنه يستعقب المغفرة ويستجلب الرحمة من الله . وإن ذلك خير مما تجمعون من الدنيا وما فيها لو لم تموتوا . وعن ابن عباس : خير من طلاع الأرض ذهبة حمراء . ومن قرأ بالياء فالضمير للكفار لأن الذي يجمعونه في الدنيا قد يكون من باب الحلال الذي يعد خيراً ، أو ورد على حسب معتقدهم أن أموالهم خيرات لهم . وإنما كانت المغفرة والرحمة خيراً من المال لأن المال الذي يجمع لأجل الغد قد يموت صاحبه قبل الغد ، وإن لم يمت فلعل المال لا يبقى في الغد ، فكم من أمير أصبح أسيراً . وعلى تقدير بقاء المال وبقاء صاحبه إلى الغد فلعل مانعاً من مرض أو خوف يمنعه عن الانتفاع به ، وبتقدير عدم المانع فلذات الدنيا مشوبة بالآلام ومنافعها مخلوطة بالمضار ، وبتقدير صفائها عن الشوائب فلا بد لها من الزوال والانقطاع ، ومنافع الآخرة أصفة وأضفى وأبقى وأنقى ولا سيما منافعها العقلية ، وأي نسبة لانتفاع الحمار بلذة قبقبه ؟ فذبذبه إلى ابتهاج الملائكة المقربين بشروق أنوار العزة عليهم ،

/خ160