السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

{ ولئن قتلتم } اللام هي الموطئة لقسم محذوف { في سبيل الله } أي : الجهاد { أو متم } أي : أتاكم الموت في سبيل الله وجواب القسم قوله تعالى : { لمغفرة } كائنة { من الله } وحذف جواب الشرط لسد جواب القسم مسدّه لكونه دالاً عليه { ورحمة } أي : من الله فحذف صفتها لدلالة الأولى عليها ولا بد من حذف آخر مصحح للمعنى تقديره لمغفرة من الله لكم ورحمة منه لكم .

فإن قيل : المغفرة هي الرحمة فلم كررها ونكرها ؟ أجيب : بأنه إنما نكرها إيذاناً بأن أدنى خير وأقلّ شيء خير من الدنيا وما فيها وهو المراد بقوله : { خير مما تجمعون } من الدنيا وأما التكرير فغير مسلم ؛ لأنّ المغفرة مترتبة على الرحمة فيرحم ثم يغفر .

فإن قيل : كيف تكون المغفرة موصوفة بأنها خير مما يجمعون ولا خير فيما يجمعون أصلاً ؟ أجيب : بأنّ الذي يجمعونه في الدنيا قد يكون من الحلال الذي يعد خيراً وأيضاً هذا وارد على حسب قولهم ومعتقدهم أن تلك الأموال خيرات فقيل : المغفرة خير من هذه الأشياء التي تظنونها خيرات .