معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

{ اتخذوا أيمانهم جنةً } سترة ، { فصدوا عن سبيل الله } منعوا الناس عن الجهاد والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم . { إنهم ساء ما كانوا يعملون . }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

وقوله : { اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } أي : اتقوا الناس بالأيمان الكاذبة والحَلْفات الآثمة ، ليصدقوا فيما يقولون ، فاغتر بهم من لا يعرف جلية أمرهم ، فاعتقدوا أنهم مسلمون{[28865]} فربما اقتدى بهم فيما يفعلون وصدقهم فيما يقولون ، وهم من{[28866]} شأنهم أنهم كانوا{[28867]} في الباطن لا يألون الإسلام وأهله خَبَلا فحصل بهذا القدر ضرر كبير{[28868]} على كثير من الناس ولهذا قال تعالى : { فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ولهذا كان الضحاك بن مُزَاحم يقرؤها : " اتَّخَذُوا إيمَانَهُمْ جُنَّةً " أي : تصديقهم الظاهر جُنَّة ، أي : تقية يتقون به القتل . والجمهور يقرؤها : {[28869]} { أيمانهم } جمع يمين .


[28865]:- (3) في أ: "فاعتقدهم مسلمين".
[28866]:- (4) في م: "في".
[28867]:- (5) في أ: "كانوا يقولون".
[28868]:- (6) في أ: "كثير".
[28869]:- (7) في م، أ: "قرؤوها".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

القول في تأويل قوله تعالى : { اتّخَذُوَاْ أَيْمَانَهُمْ جُنّةً فَصَدّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِنّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : اتخذ المنافقون أيمانهم جنة ، وهي حلفهم ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة اتخَذُوا أيمَانَهُمْ جُنّةً : أي حلفهم جنة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : اتخَذُوا أيمَانَهُمْ جُنّةً قال : يجيئون بها ، قال ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : اتخَذُوا أيمَانَهُمْ جُنّةً يقول : حلفهم بالله إنهم لمنكم جنة .

وقوله : جُنّةً : سترة يسترون بها كما يستر المستجنّ بجنته في حرب وقتال ، فيمنعون بها أنفسهم وذراريهم وأموالهم ، ويدفعون بها عنها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة جُنّةً ليعصموا بها دماءهم وأموالهم .

وقوله : فَصَدّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ يقول : فأعرضوا عن دين الله الذي بَعَثَ به نبيه صلى الله عليه وسلم وشريعته التي شرعها لخلقه إنّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ يقول : إن هؤلاء المنافقين الذين اتخذوا أيمانهم جنة ساء ما كانوا يعملون في اتخاذهم أيمانهم جُنة ، لكذبهم ونفاقهم ، وغير ذلك من أمورهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

وقرأ الناس : «أيْمانهم » جميع يمين ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن بخلاف «إيمانهم » ، بكسر الألف ، أي هذا الذي تظهرون ، وهذا على حذف مضاف ، تقديره : إظهار إيمانهم ، والجنة : ما يستتر به في الأجرام والمعاني ، وقوله تعالى : { فصدوا } يحتمل أن يكون غير متعد تقول : صد زيد ، ويحتمل أن يكون متعدياً كما قال :

صددت الكأس عنا أم عمرو . . . {[11106]}

والمعنى : صدوا غيرهم ممن كان يريد الإيمان أو من المؤمنين في أن يقاتلوهم وينكروا عليهم ، وتلك سبيل الله فيهم ، وقد تقدم تفسير نظير هذه الآية .


[11106]:هذا صدر بيت هو الخامس في معلقة عمرو بن كلثوم في كثير من الروايات، وأسقطه وبيتين بعده أبو بكر الأنباري في "شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات"، والبيت بتمامه: صددت الكأس عنا أم عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا والرواية في "موسوعة الشعر العربي":"صبنت الكأس" بمعنى: صرفت، وعلى هذا فلا شاهد فيه، يقول: صرفت الكأس عنا يا أم عمرو؟ وكان مجرى الكأس على اليمين فأجريتها على اليسار، يعني أنها تعمدت إبعادها عنه.