الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

قوله : { اتَّخَذُواْ } : قد تقدَّم أنه يجوزُ أَنْ يكونَ جواباً للشرط ، ويجوز أَنْ يكون مستأنفاً ، جيْءَ به لبيانِ كذبِهم وحَلْفِهم عليه ، أي : إنَّ الحاملَ لهم على الإِيمان/ اتِّقاؤهم بها عن أنفسِهم . والعامَّةُ على فتح الهمزة جمعَ " يمين " والحسن بكسرِها مصدراً . وتقدَّم مثله في المجادلة . والجُنَّةُ : التُّرْسُ ونحوُه ، وكلُّ ما يَقيك سوءاً . ومن كلامِ الفصحاء : " جُبَّةُ البُرْدِ جُنَّةُ البَرْدِ " وقال أعشى همدان :

إذا أنتَ لم تجعلْ لِعرْضِكَ جُنَّةً *** من المالِ سار الذَّمُّ كلَّ مَسِيرِ

قوله : { سَآءَ مَا كَانُواْ } يجوز أن تكونَ الجاريةَ مَجْرَى بئْسَ ، وأَنْ تكونَ على بابها ، والأولُ أظهرُ ، وقد تقدَّم حكمُ كلٍ منهما ولله الحمد ، وقوله : " فطُبِعَ " هذه قراءةُ العامَّة أعني بناءَه للمفعول . والقائمُ مقامَ الفاعلِ الجارُّ بعدَه . وزيد بن علي " وطَبَعَ " مبنياً للفاعل . وفي الفاعلِ وجهان ، أحدهما : أنه ضميرٌ عائدٌ على الله تعالى ، ويَدُلُّ عليه قراءةُ الأعمشِ ، وقراءتُه هو في روايةٍ عند " فَطَبَعَ اللَّهُ " مُصَرَّحاً بالجلالةِ . والثاني : أنَّ الفاعلَ ضميرٌ يعودُ على المصدرِ المفهومِ مِمَّا قبلَه ، أي : فطَبَعَ هو ، أي : تَلْعابُهم بالدين .