فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

{ اتخذوا أيْمانهم جنة } أي جعلوا حلفهم الذي حلفوا لكم به إنهم لمنكم ، وإن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقاية تقيهم منكم ، وسترة يستترون بها من القتل والأسر ، قال ألنسفي : وفيه دليل على أن أشهد يمين ، قال ابن عباس : اجتنبوا بأيمانهم من القتل والحرب ، والجملة مستأنفة لبيان كذبهم وحلفهم عليه ، قرأ الجمهور أيمانهم بفتح الهمزة وقرئ بكسرها ، وقد تقدم تفسير هذا في سورة المجادلة ، والجنة الترس ونحوه ، وكل ما يقيك سوءا ومن كلام الفصحاء جبة البرد جنة البرد .

{ فصدوا عن سبيل الله } أي منعوا الناس عن الإيمان والجهاد وأعمال الطاعة ، بسبب ما يصدر منهم من التشكيك ، والقدح في النبوة ، وهذا معنى الصد الذي بمعنى الصرف ، ويجوز أن يكون بمعنى الصدود ، أي أعرضوا عن الدخول في سبيل الله وإقامة أحكامه { إنهم ساء ما كانوا يعملون } من النفاق والصد ، و { ساء } هذه هي الجارية مجرى بئس ، في إفادة الذم ، ومع ذلك ففيها معنى التعجيب ، وتعظيم أمرهم عند السامعين .