مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

ثم قال تعالى : { اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون } .

قوله : { اتخذوا أيمانهم جنة } أي سترا ليستتروا به عما خافوا على أنفسهم من القتل . قال في الكشاف : { اتخذوا أيمانهم جنة } يجوز أن يراد أن قولهم : { نشهد إنك لرسول الله } يمين من أيمانهم الكاذبة ، لأن الشهادة تجري مجرى الحلف في التأكيد ، يقول الرجل : أشهد وأشهد بالله ، وأعزم وأعزم بالله في موضع أقسم وأولى : وبه استشهد أبو حنيفة على أن أشهد يمين ، ويجوز أن يكون وصفا للمنافقين في استخفافهم بالإيمان ، فإن قيل : لم قالوا نشهد ، ولم يقولوا : نشهد بالله كما قلتم ؟ أجاب بعضهم عن هذا بأنه في معنى الحلف من المؤمن وهو في المتعارف إنما يكون بالله ، فلذلك أخبر بقوله : نشهد عن قوله بالله .

وقوله تعالى : { فصدوا عن سبيل الله } أي أعرضوا بأنفسهم عن طاعة الله تعالى ، وطاعة رسوله ، وقيل : صدوا ، أي صرفوا ومنعوا الضعفة عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم { ساء } أي بئس { ما كانوا يعملون } حيث آثروا الكفر على الإيمان وأظهروا خلاف ما أضمروا مشاكلة للمسلمين .