البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

{ اتخذوا أيمانهم } : سمى شهادتهم تلك أيماناً .

وقرأ الجمهور : أيمانهم ، بفتح الهمزة جمع يمين ؛ والحسن : بكسرها ، مصدر آمن .

ولما ذكر أنهم كاذبون ، أتبعهم بموجب كفرهم ، وهو اتخاذ أيمانهم جنة يستترون بها ، ويذبون بها عن أنفسهم وأموالهم ، كما قال بعض الشعراء :

وما انتسبوا إلى الإسلام إلا *** لصون دمائهم أن لا تسالا

ومن أيمانهم أيمان عبد الله ، ومن حلف معه من قومه أنه ما قال ما نقله زيد بن أرقم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جعلوا تلك الأيمان جنة تقي من القتل ، وقال أعشى همدان :

إذا أنت لم تجعل لعرضك جنة *** من المال سار القوم كل مسير

وقال الضحاك : اتخذوا حلفهم بالله أنهم لمنكم .

وقال قتادة : كلما ظهر شيء منهم يوجب مؤاخذتهم ، حلفوا كاذبين عصمة لأموالهم ودمائهم .

وقال السدي : { جنة } من ترك الصلاة عليهم إذا ماتوا ، { فصدوا } : أي أعرضوا وصدوا اليهود والمشركين عن الدخول في الإسلام ،