معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ} (102)

قوله تعالى : { ذلك } ، الذي ذكرت ، { من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم } أي : ما كنت يا محمد عند أولاد يعقوب { إذ أجمعوا أمرهم } أي : عزموا على إلقاء يوسف في الجب ، { وهم يمكرون } بيوسف .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ} (102)

يقول تعالى لعبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، لما قص عليه نبأ إخوة يوسف ، وكيف رفعه الله عليهم ، وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم ، مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والإعدام : هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة ، { نُوحِيهِ إِلَيْكَ } ونعلمك به لما فيه من العبرة لك والاتعاظ لمن خالفك ، { وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ } حاضرا عندهم ولا مشاهدا لهم { إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ } أي : على إلقائه في الجب ، { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } به ، ولكنا أعلمناك به وحيا إليك ، وإنزالا عليك ، كما قال تعالى : { وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } [ آل عمران : 44 ]وقال تعالى : { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ } [ القصص : 44 ]إلى أن قال : { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ } [ القصص : 46 ] وقال { وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } [ القصص : 45 ] وقال { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإ الأعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِين } [ ص : 69 ، 70 ]

يقرر تعالى أنه رسوله ، وأنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس ونجاة لهم في دينهم ودنياهم ؛ ومع هذا ما آمن أكثر الناس ؛ ولهذا قال : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }

وقال { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [ الأنعام : 116 ] إلى غير ذلك من الآيات .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ} (102)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوَاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : هذا الخبر الذي أخبرتك به من خبر يوسف ووالده يعقوب وإخوته وسائر ما في هذه السورة مِنْ أنْباءِ الغَيْبِ يقول : من أخبار الغيب الذي لم تشاهده ، ولم تعاينه ، ولكنا نُوحِيهِ إلَيْكَ ونعرّفكه ، لنثبت به فؤادك ، ونشجع به قلبك ، وتصبر على ما نالك من الأذى من قومك في ذات الله ، وتعلم أن من قبلك من رسل الله إذ صبروا على ما نالهم فيه ، وأخذوا بالعفو ، وأمروا بالعرف ، وأعرضوا عن الجاهلين ، فازوا بالظفر ، وأيدوا بالنصر ، ومكنوا في البلاد ، وغلبوا من قصدوا من أعدائهم وأعداء دين الله . يقول الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فيهم يا محمد فتأسّ ، وآثارهم فقصّ . وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ أجمَعُوا أمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ يقول : وما كنت حاضرا عند إخوة يوسف ، إذ أجمعوا واتفقت آراؤهم وصحّت عزائمهم على أن يُلقوا يوسف في غيابة الجبّ ، وذلك كان مكرهم الذي قال الله عزّ وجلّ وهم يمكرون . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعي ، عن قتادة ، قوله : وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، يقول : ما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجبّ وهم يمكرون : أبي بيوسف .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراسانيّ ، عن ابن عباس : وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ أجمَعُوا أمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ . . . الآية ، قال : هم بنو يعقوب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ} (102)

{ ذلك } إشارة إلى ما ذكر من نبأ يوسف عليه الصلاة والسلام ، والخطاب فيه للرسول صلى الله عليه وسلم وهو مبتدأ . { من أنباء الغيب نوحيه إليك } خبران له . { وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون } كالدليل عليهما والمعنى : أن هذا النبأ غيب لم تعرفه إلا بالوحي لأنك لم تحضر إخوة يوسف حين عزموا على ما هموا به من أن يجعلوه في غيابة الجب ، وهم يمكرون به وبأبيه ليرسله معهم ، ومن المعلوم الذي لا يخفى على مكذبيك أن ما لقيت أحدا سمع ذلك فتعلمته منه ، وإنما حذف هذا الشق استغناء بذكره في غير هذه القصة كقوله : { ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ} (102)

وقوله تعالى : { ذلك من أنباء الغيب } الآية ، { ذلك } إشارة إلى ما تقدم من قصة يوسف ، وهذه الآية تعريض لقريش وتنبيه على آية صدق محمد ، وفي ضمن ذلك الطعن على مكذبيه .

والضمير في { لديهم } عائد إلى إخوة يوسف ، وكذلك الضمائر إلى آخر الآية ، و { أجمعوا } معناه : عزموا وجزموا ، و { الأمر } هنا هو إلقاء يوسف في الجب ، و «المكر » هو أن تدبر على الإنسان تدبيراً يضره ويؤذيه والخديعة هي أن تفعل بإنسان وتقول له ما يوجب أن يفعل هو فعلاً فيه عليه ضرر . وحكى الطبري عن أبي عمران الجوني أنه قال : والله ما قص الله نبأهم ليعيرهم بذلك ، إنهم لأنبياء من أهل الجنة ، ولكن قص الله علينا نبأهم لئلا يقنط عبده .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ} (102)

تذييل للقصة عند انتهائها . والإشارة إلى ما ذُكر من الحادث أي ذلك المذكور .

واسم الإشارة لتمييز الأنباء أكمل تمييز لتتمكن من عقول السامعين لما فيها من المواعظ .

و { الغيب } ما غاب عن علم الناس ، وأصله مصدر غاب فسمي به الشيء الذي لا يشاهد . وتذكير ضمير { نوحيه } لأجل مراعاة اسم الإشارة .

وضمائر { لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون } عائدة إلى كل من صدر منه ذلك في هذه القصة من الرجال والنساء على طريقة التغليب ، يشمل إخوة يوسف عليه السلام والسيارةَ ، وامرأةَ العزيز ، ونسوتَها .

و { أجمعوا أمرهم } تَفسيره مثل قوله : { وأجمعوا أن يجعلوه في غيابَات الجب } [ يوسف : 15 ] .

والمكر تقدم ، وهذه الجملة استخلاص لمواضع العبرة من القصة . وفيها منّة على النبي ، وتعريض للمشركين بتنبيههم لإعجاز القرآن من الجانب العلمي ، فإن صدور ذلك من النّبي الأميّ آية كبرى على أنه وحي من الله تعالى . ولذلك عقب بقوله : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } .

وكان في قوله : { وما كنت لديهم } توركاً على المشركين . وجملة { وما كنت لديهم } في موضع الحال إذ هي تمام التعجيب .

وجملة { وهم يمكرون } حال من ضمير { أجمعوا } ، وأتي { يمكرون } بصيغة المضارع لاستحضار الحالة العجيبة .