معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (88)

قوله تعالى : { إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا } ، قال عبد الله بن المبارك : الحلال ما أخذته من وجهه ، والطيب ما غذى وأنمى ، فأما الجوامد كالطين والتراب ، وما لا يغذي فمكروه إلا على وجه التداوي .

قوله تعالى : { واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون } ،

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني ، أنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي ، أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب ، أنا أبو عيسى الترمذي ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، وسلمة بن شبيب ومحمود بن غيلان قالوا : أخبرنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (88)

ثم قال : { وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا } أي : في حال كونه حلالا طيبًا ، { وَاتَّقُوا اللَّهَ } أي : في جميع أموركم ، واتبعوا طاعته ورضوانه ، واتركوا مخالفته{[10254]} وعصيانه ، { الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ }


[10254]:في ر: "محارمه".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (88)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَكُلُواْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيّباً وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ } . .

يقول تعالى ذكره لهؤلاء المؤمنين الذين نهاهم أن يحرّموا طيبات ما أحلَ الله لهم : كلوا أيها المؤمنون من رزق الله الذي رزقكم وأحله لكم حلالاً طيبا . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة : وكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيّبا يعني : ما أحلّ الله لهم من الطعام .

وأما قوله : " وَاتّقُوا اللّهَ الّذِي أنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ " ، فإنه يقول : وخافوا أيها المؤمنون أن تعتدوا في حدوده ، فتحلوا ما حرّم عليكم وتحرّموا ما أحلّ لكم ، واحذروه في ذلك أن تخالفوه فينزل بكم سخطه ، أو تستوجبوا به عقوبته . " الّذِي أنْتُمْ به مُؤْمِنُونَ " يقول : الذي أنتم بوحدانيته مقرّون وبربوبيته مُصدّقون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (88)

روي ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف القيامة لأصحابه يوما وبالغ في إنذارهم ، فرقوا واجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون واتفقوا على أن لا يزالوا صائمين قائمين ، وأن لا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم والودك ، ولا يقربوا النساء والطيب ، ويرفضوا الدنيا ويلبسوا المسوح ، ويسيحوا في الأرض ، ويجبوا مذاكيرهم . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : إني لم أمر بذلك إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا ، وقوموا وناموا ، فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر ، وآكل اللحم والدسم ، وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) فنزلت .

{ وكلوا ما رزقكم الله حلالا طيبا } أي كلوا ما حل لكم وطاب مما رزقكم الله ، فيكون حلالا مفعول كلوا ومما حال منه تقدمت عليه لأنه نكرة ويجوز أن تكون من ابتدائية متعلقة بكلوا ، ويجوز أن تكون مفعولا وحلالا حال من الموصول ، أو العائد المحذوف ، أو صفة لمصدر محذوف وعلى الوجوه لو لم يقع الرزق على الحرام لم يكن لذكر الحلال فائدة زائدة . { واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (88)

{ كلوا } في هذه الآية عبارة عن تمتعوا بالأكل والشرب واللباس والركوب . ونحو ذلك ، وخص الأكل بالذكر لأنه أعظم المقصود{[4672]} وأخص الانتفاعات بالإنسان ، والرزق عند أهل السنة ما صح الانتفاع به ، وقالت المعتزلة : الرزق كل ما صح تملكه والحرام ليس برزق لأنه لا يصح تملكه . ويرد عليهم بأنه يلزمهم أن آكل الحرام ليس بمرزوق من الله تعالى وقد خرج بعض النبلاء أن الحرام رزق من قوله تعالى { كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور }{[4673]} قال فذكر المغفرة مشيراً إلى أن الرزق قد يكون فيه حرام ، ورد أبو المعالي في الإرشاد على المعتزلة مشيراً إلى أن الرزق ما تملك يلزمهم أن ما ملك فهو الرزق ، وملك الله تعالى الأشياء لا يصح أن يقال فيه إنه رزق له .

قال القاضي أبو محمد : وهذا الذي ألزم غير لازم ، فتأمله ، وباقي الآية بين .


[4672]:- جاء في بعض النسخ: لأنه عظم المقصود، وما أثبتناه هنا يتفق مع ما نقله القرطبي عن ابن عطية رحمه الله.
[4673]:- من الآية (15) من سورة (سبأ).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (88)

قوله : { وكلوا ممّا رزقكم الله حلالاً طيّباً } تأكيد للنهي عن تحريم الطّيبات وهو معطوف على قوله : { لا تحرّموا طيّبات ما أحلّ الله لكم } أي أنّ الله وسّع عليكم بالحلال فلا تعتدوه إلى الحرام فتكفروا النعمة ولا تتركوه بالتحريم فتُعرضوا عن النعمة .

واقتُصِر على الأكل لأنّ معظم ما حرّمه الناس على أنفسهم هو المآكل . وكأنّ الله يعرّض بهم بأنّ الاعتناء بالمهمّات خير من التهمّم بالأكل ، كما قال { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } [ المائدة : 93 ] الآية . وبذلك أبطل ما في الشرائع السابقة من شدّة العناية بأحكام المأكولات . وفي ذلك تنبيه لِهذه الأمّة .

وقوله { واتّقوا الله الذي أنتم به مؤمنون } جاء بالموصول للإيماء إلى علّة الأمر بالتقوى ، أي لأنّ شأن الإيمان أن يقتضي التقوى ، فلمّا آمنتم بالله واهتديتم إلى الإيمان فكمِّلوه بالتقوى . روي أنّ الحسن البصري لقيَ الفرزدق في جنازة ، وكانا عند القبر ، فقال الحسن للفرزدق : ما أعدَدْت لهذا . يعني القَبر . قال الفرزدق : شهادة أن لا إله إلاّ الله كذا كذا سنة . فقال الحسن : هذا العمود ، فأين الأطْناب .