{ أئذا كنا عظاما نخرة } قرأ نافع ، وابن عامر ، والكسائي ، ويعقوب : أئنا ؟ مستفهمً ، إذا بتركه ، ضده أبو جعفر ، الباقون باستفهامهما ، وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو عمرو : " عظاماً ناخرة " ، وقرأ الآخرون { نخرة } وهما لغتان ، مثل الطمع والطامع والحذر والحاذر ، ومعناهما البالية ، وفرق قوم بينهما ، فقالوا : النخرة : البالية ، والناخرة : المجوفة التي تمر فيها الريح فتنخر ، أي : تصوت .
قوله تعالى : " أئذا كنا عظاما نخرة " أي بالية متفتتة . يقال : نخر العظم بالكسر : أي بلي وتفتت ، يقال : عظام نخرة . وكذا قرأ الجمهور من أهل المدينة ومكة والشام والبصرة ، واختاره أبو عبيد ؛ لأن الآثار التي تذكر فيها العظام ، نظرنا فيها فرأينا نخرة لا ناخرة . وقرأ أبو عمرو وابنه عبد الله وابن عباس وابن مسعود وابن الزبير وحمزة والكسائي وأبو بكر " ناخرة " بألف ، واختاره الفراء والطبري وأبو معاذ النحوي ؛ لوفاق رؤوس الآي . وفي الصحاح : والناخر من العظام التي تدخل الريح فيه ثم تخرج منه ولها نخير . ويقال : ما بها ناخر ، أي ما بها أحد . حكاه يعقوب عن الباهلي .
وقال أبو عمرو بن العلاء : الناخرة التي لم تنخر بعد ، أي لم تبل ولا بد أن تنخر . وقيل : الناخر المجوفة . وقيل : هما لغتان بمعنى ، كذلك تقول العرب : نخر الشيء فهو نخر وناخر ، كقولهم : طمع فهو طمع وطامع ، وحذر وحاذر ، وبخل وباخل ، وفره وفاره ، قال الشاعر :
يظلُّ بها الشَّيْخُ الذي كان بَادِنا *** يَدِبُّ على عُوجٍ له نَخِرَاتِ
عوج : يعني قوائم . وفي بعض التفسير : ناخرة بالألف : بالية ، ونخرة : تنخر فيها الريح أي تمر فيها ، على عكس الأول . قال{[15771]} :
من بعدِ ما صرتُ عظاما ناخِرَهْ
وقال بعضهم : الناخرة : التي أكلت أطرافها وبقيت أوساطها . والنخرة : التي فسدت كلها . قال مجاهد : نخرة أي مرفوتة ، كما قال تعالى : " عظاما ورفاتا " ونخرة الريح بالضم : شدة هبوبها . والنخرة أيضا والنخرة مثال الهمزة : مقدم أنف الفرس والحمار والخنزير ، يقال : هشم نخرته : أي أنفه .
{ يقولون أئنا لمردودون في الحافرة أئذا كنا عظاما نخرة } هذا حكاية قول الكفار في الدنيا ، ومعناه : على الجملة إنكار البعث فالهمزة في قوله : { أئنا لمردودون } للإنكار ولذلك اتفق العلماء على قراءته بالهمزتين إلا أن منهم من سهل الثانية ومنهم من خففها واختلفوا في إذا كنا عظاما نخرة فمنهم من قرأه بهمزة واحدة لأنه ليس بموضع استفهام ولا إنكار ومنهم من قرأه بهمزتين تأكيدا للإنكار المتقدم ثم اختلفوا في معنى الحافرة على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها الحالة الأولى يقال رجع فلان في حافرته إذا رجع إلى حالته الأولى فالمعنى أئنا لمردودون إلى الحياة بعد الموت .
والآخر : أن الحافرة الأرض بمعنى : محفورة فالمعنى : أئنا لمردودون إلى وجه الأرض بعد الدفن في القبور .
والثالث : أن الحافرة النار والعظام النخرة البالية المتعفنة وقرئ ناخرة بألف وبحذف الألف وهما بمعنى واحد إلا أن حذف الألف أبلغ لأن فعل أبلغ من فاعل وقيل : معناه العظام المجوفة التي تمر بها الريح فيسمع لها نخير والعامل في إذا كنا محذوف تقديره إذا كنا عظاما نبعث ويحتمل أن يكون العامل فيه مردودون في الحافرة ولكن إنما يجوز ذلك على قراءة إذا كنا بهمزة واحدة على الخبر ولا يجوز على قراءته بهمزتين لأن همزة الاستفهام لا يعمل ما قبلها فيما بعدها .
ولما وصف قلوبهم بهذا الإنكار الذي ينبغي لصاحبه أن يذوب منه-{[71359]} خجلاً إذا فرط منه مرة واحدة ، وأشار إلى شدة وقاحتهم بتكريره{[71360]} ، أتبعه التصريح بتكريرهم له على وجه مشير{[71361]} إلى العلة الحاملة لهم على قوله وهو قولهم : { أإذا كنا } أي كوناً صار جبلة لنا { عظاماً نخرة * } أي هي في غاية الانتخار حتى تفتتت ، فكان الانتخار وهو البلى والتفتت والتمزق كأنه طبع لها طبعت عليه ، وهي أصلب البدن فكيف بما عداها من الجسم ، وعلى قراءة " ناخرة " المعنى أنها{[71362]} خلا ما فيها فصار الهواء ينخر فيها أي يصوّت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.