معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (80)

قوله تعالى : { ولا يأمركم } قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة ويعقوب : بنصب الراء عطفاً على قوله ، ثم يقول فيكون مردوداً على البشر ، أي ولا يأمر ذلك البشر ، وقيل : على إضمار أن ، أي : ولا أن يأمركم ذلك البشر ، وقرأ الباقون بالرفع على الاستئناف ، معناه ولا يأمركم الله ، وقال ابن جريج وجماعة : ولا يأمركم محمد .

قوله تعالى : { أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً } كفعل قريش ، والصابئين ، حيث قالوا : الملائكة بنات الله ، واليهود والنصارى حيث قالوا في المسيح وعزير ما قالوا .

قوله تعالى : { أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } قاله على طريق التعجب والإنكار ، يعني : لا يقول هذا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (80)

65

والنبي لا يأمر الناس أبدا أن يتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ، فالنبي لا يأمر الناس بالكفر بعد أن يسلموا لله ويستسلموا لألوهيته ، وقد جاء ليهديهم إلى الله لا ليضلهم ، وليقودهم إلى الإسلام لا ليكفرهم !

ومن ثم تتجلى استحالة هذا الذي ينسبه ذلك الفريق إلى عيسى - عليه السلام - كما يتجلى الكذب على الله في ادعائهم أن هذا من عند الله . . وتسقط في الوقت ذاته قيمة كل ما يقوله هذا الفريق وما يعيده لإلقاء الريب والشكوك في الصف المسلم . وقد عراهم القرآن هذه التعرية على مرأى ومسمع من الجماعة المسلمة !

ومثل هذا الفريق من أهل الكتاب فريق ممن يدعون الإسلام ، ويدعون العلم بالدين كما أسلفنا . وهم أولى بأن يوجه إليهم هذا القرآن اليوم . وهم يلوون النصوص القرآنية ليا ، لإقامة أرباب من دون الله في شتى الصور . وهم يتصيدون من النصوص ما يلوونه لتمويه هذه المفتريات . ( ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (80)

{ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْملاَئِكَةَ وَالنَّبِيِّنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ }

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي : «ولا يأمرُكم » برفع الراء ، وكان أبو عمرو يختلس حركة الراء تخفيفاً ، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة : «ولا يأمرَكم نصباً » ، ولا خلاف في الراء من قوله : { أيأمركم } إلا اختلاس أبي عامر ، فمن رفع قوله : «ولا يأمرُكم » فهو على القطع ، قال سيبويه : المعنى ولا يأمركم الله ، وقال ابن جريج وغيره : المعنى ولا يأمركم هذا البشر الذي أوتي هذه النعم ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي قراءة ابن مسعود : «ولن يأمركم » ، فهذه قراءة تدل على القطع ، وأما قراءة من نصب الراء ، فهي عطف على قوله : { أن يؤتيه } [ آل عمران : 79 ] والمعنى ولا له أن يأمركم ، قاله أبو علي وغيره ، وقال الطبري : قوله { ولا يأمركم } بالنصب ، معطوف على قوله ، { ثم يقول } [ آل عمران : 79 ] .

قال الفقيه أبو محمد : وهذا خطأ لا يلتئم{[3288]} به المعنى ، والأرباب في هذه الآية بمعنى الآلهة .

قوله تعالى : { أيأمركم بالكفر } تقرير على هذا المعنى الظاهر فساده .


[3288]:- وجه الخطأ أنه إذا كان معطوفا على [ثم يقول] وكانت [لا] لتأسيس النفي فلا يمكن إلا أن يقدر العامل قبل [لا] وهو (أن)، فينسبك من أن والفعل المنفي مصدر منتف فيصير المعنى: ما كان لبشر موصوف بما وصف به انتفاء أمره باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا، وإذا لم يكن له الانتفاء كان له الثبوت فصار آمرا باتخاذهم أربابا وهو خطأ، فإذا جعلت [لا] لتأكيد النفي السابق كان النفي منسحبا على المصدرين المقدر ثبوتهما فينتفي قوله: [كونوا عبادا لي]، وأمره باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا. راجع البحر المحيط 2/507.