محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (80)

80

( ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون80 ) .

( ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر ) أي بالعود إليه وقد بعث لمحو الشرك ( بعد إذ أنتم مسلمون ) أي بعد استقراركم على الإسلام .

/ تنبيهات :

الأول- إذا كان ما ذكر في الآية لا يصلح لنبي ولا لمرسل ، فلأن لا يصلح لأحد من الناس غيرهم ، بطريق الأولى والأحرى . ولهذا قال الحسن البصري : لا ينبغي هذا لمؤمن ، أن يأمر الناس بعبادته ، قال : وذلك أن القوم كان يعبد بعضهم بعضا –يعني أهل الكتاب- كانوا يعبدون أحبارهم ورهبانهم ، كما قال الله تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله . . . ) الآية -وفي ( جامع الترمذي ) –كما سيأتي- أن عدي بن حاتم قال : " يا رسول الله ما عبدوهم . قال : بلى ، إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال ، فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم " . فالجهلة من الأحبار والرهبان ومشايخ الضلال يدخلون في هذا الذم والتوبيخ . بخلاف الرسل وأتباعهم من العلماء العاملين ، فإنهم إنما يأمرون بما يأمر الله به وبلغتهم إياه الرسل الكرام ، وإنما ينهونهم عما نهاهم الله عنه وبلغته إياه رسله الكرام –قاله ابن كثير-

الثاني- في هذه الآية أعظم باعث لمن علم على أن يعمل ، وأن من أعظم العمل بالعلم تعليمه والإخلاص لله سبحانه . والدراسة مذاكرة العلم والفقه . فدلت الآية على أن العلم والتعليم والدراسة توجب كون الإنسان ربانيا ، فمن اشتغل بها ، لا لهذا المقصود ، فقد ضاع سعيه وخاب عمله ، وكان مثله مثل من غرس شجرة حسناء مونقة بمنظرها ، ولا منفعة بثمرها ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " نعوذ بالله من علم لا ينفع وقلب لا يخشع " –كذا في ( فتح البيان ) والرازي .

/ الثالث- قرىء في السبع ( ولا يأمركم ) بالرفع على الاستئناف أي ولا يأمركم الله أو النبي ، وبالنصب عطفا على ثم يقول . و ( لا ) مزيدة لتأكيد معنى النفي .