معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (110)

قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا } . تسلفوا .

قوله تعالى : { لأنفسكم من خير } . طاعة وعمل صالح .

قوله تعالى : { تجدوه عند الله } . وقيل : أراد بالخير المال كقوله تعالى ( إن ترك خيراً ) وأراد من زكاة وصدقه تجدوه عند الله التمرة واللقمة مثل أحد . { إن الله بما تعملون بصير } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (110)

104

وامضوا في طريقكم التي اختارها الله لكم ، واعبدوا ربكم وادخروا عنده حسناتكم :

( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله . إن الله بما تعملون بصير ) . .

وهكذا . . يوقظ السياق القرآني وعي الجماعة المسلمة ويركزه على مصدر الخطر ، ومكمن الدسيسة ؛ ويعبىء مشاعر المسليمن تجاه النوايا السيئة والكيد اللئيم والحسد الذميم . . ثم يأخذهم بهذه الطاقة المعبأة المشحونة كلها إلى جناب الله ؛ ينتظرون أمره ، ويعلقون تصرفهم بإذنه . . وإلى أن يحين هذا الأمر يدعوهم إلى العفو والسماحة ، لينقذ قلوبهم من نتن الحقد والضغينة . ويدعها طيبة في انتظار الأمر من صاحب الأمر والمشيئة . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (110)

{ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } عطف على فاعفوا كأنه أمرهم بالصبر والمخالفة والملجأ إلى الله تعالى بالعبادة والبر { وما تقدموا لأنفسكم من خير } كصلاة وصدقة . وقرئ { تقدموا } من أقدم { تجدوه عند الله } أي ثوابه .

إن الله بما تعملون بصير } لا يضيع عنده عمل . وقرئ بالياء فيكون وعيدا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (110)

{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }( 110 )

قالت فرقة من الفقهاء : إن قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة } عموم ، وقالت فرقة : هو من مجمل القرآن ، والمرجح أن ذلك عموم من وجه ومجمل من وجه ، فعموم من حيث الصلاة الدعاء ، فحمله على مقتضاه ممكن ، وخصصه الشرع بهيئات وأفعال وأقوال( {[1125]} ) ، ومجمل من حيث الأوقات ، وعدد الركعات والسجدات لا يفهم من اللفظ ، بل السامع فيه مفتقر إلى التفسير ، وهذا كله في { أقيموا الصلاة } ، وأما الزكاة فمجملة لا غير( {[1126]} ) .

قال الطبري : إنما أمر الله هنا بالصلاة والزكاة لتحط ما تقدم من ميلهم إلى أقوال اليهود { راعنا } [ البقرة : 104 ] ، لأن ذلك نهي عن نوعه ، ثم أمر المؤمنين بما يحطه( {[1127]} ) ، والخير المقدم منقض لأنه فعل ، فمعنى { تجدوه } تجدوا ثوابه وجزاءه ، وذلك بمنزلة وجوده . ( {[1128]} )

وقوله تعالى : { إن الله بما تعملون بصير } خبر في اللفظ معناه الوعد والوعيد .


[1125]:- فالعموم من حيث المعنى اللغوي، والمعنى الشرعي للصلاة.
[1126]:- لأنه ليس فيه تقدير لنصابها، ولا تحديد لأنواعها، ولا يعرفه السامع إلا بالشرح والتوضيح.
[1127]:- نقله أبو (ح) رحمه الله. وقال تعقيبا عليه: "ليس له ذلك الظهور"، البحر المحيط 1/349.
[1128]:- في صحيح البخاري، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟) قالوا يا رسول الله: ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: (فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر). وروى ابن المبارك في رقائقه بسنده قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، مالي لا أحب الموت؟ فقال: (هل لك مال؟) قال: نعم، قال: (ققدم مالك بين يديك، فإن المرء مع ماله، إن قدمه أحب أن يلحقه، وإن خلفه أحب التخلف).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (110)

قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } أريد به الأمر بالثبات على الإسلام فإن الصلاة والزكاة ركناه فالأمر بهما يستلزم الأمر بالدوام على ما أنتم عليه على طريق الكناية .

وقوله : { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله } مناسب للأمر بالثبات على الإسلام وللأمر بالعفو والصفح . وفيه تعريض باليهود بأنهم لا يقدرون قدر عفوكم وصفحكم ولكنه لا يضيع عند الله ولذلك اقتصر على قوله : { عند الله } قال الحطيئة :

من يفعل الخير لا يعدم جوائزه *** لا يذهب العرف بين الله والناس

وقوله تعالى : { إن الله بما تعملون بصير } تذييل لما قبله . والبصير العليم كما تقدم ، وهو كناية عن عدم إضاعة جزاء المحسن والمسيء لأن العليم القدير إذا علم شيئاً فهو يرتب عليه ما يناسبه إذ لا يذهله جهل ولا يعوزه عجز ، وفي هذا وعد لهم يتضمن وعيداً لغيرهم لأنه إذا كان بصيراً بما يعمل المسلمون كان بصيراً بما يعمل غيرهم .