فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (110)

{ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير } إقامة الصلاة أداؤها تامة الأركان خاشعة كملت شروطها وآدابها ورعيت هيآتها وشعائرها ومواقيتها . وإيتاء الزكاة إعطاؤها مستحقيها بطيب نفس على ما شرع الله من صدقة فريضة أو تطوع . يحضنا مولانا على رعاية الغير بالعفو والصفح ورعاية أنفسنا بالطاعات البدنية والمالية ومهما عملنا من القربات والصالحات في هذه الحياة نلق ثوابه حاضرا مضاعفا يوم نلق الله . أخرج البخاري والنسائي عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ قالوا : يا رسول الله ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه ؟ . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله وإنما مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت " . لفظ النسائي ولفظ البخاري : قال عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه قال : فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر " ؛

{ إن الله بما تعملون بصير } – وهذا خبر من الله جل ثناؤه للذين خاطبهم بهذه الآيات من المؤمنين أنهم مهما فعلوا من خير وشر{[410]} سرا وعلانية فهو به بصير لا يخفى عليه من شيء فيجزيهم بالإحسان جزاؤه وبالإساءة مثلها{[411]} ، وهذا الكلام وإن خرج مخرج الخبر فإنه فيه وعدا ووعيدا وأمرا وزجرا وذلك أنه أعلم القوم أنه بصير بجميع أعمالهم ليجدوا في طاعته إذا كان ذلك مذخورا لهم عنده حتى يثيبهم عليه . . . وليحذروا معصيته إذا كان مطلعا على راكبها بعد تقدمه إليه بالوعيد عليها وما أوعد عليه ربنا جل ثناؤه فمنهي عنه وما وعد عليه ربنا فمأمور به . أما قوله { بصير } فإنه مبصر صرف إلى { بصير } كما صرف مبدع إلى { بديع }-{[412]}


[410]:المذكور في الآية الكريمة هو{وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه...} لكن لعله ذكر الشر في مقابل ما بينته الآية الكريمة.
[411]:قدمنا أن الآية بينت الجزاء المدخر لمن قدم خيرا ولمن تذكر المسيء
[412]:ما بين العارضتين من جامع البيان.