الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (110)

قوله : { وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ } كقوله : { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ }

[ البقرة : 106 ] فيجوز في " ما " أن تكونَ مفعولاً بها وأن تكونَ واقعةً موقعَ المصدرِ ، ويجوز في " مِنْ خيرٍ " الأربعةُ الأوجهِ التي في " من آية " . من كونِه مفعولاً به أو حالاً أو تمييزاً أو متعلقاً بمحذوفٍ . و " مِنْ " تبعيضيةٌ ، وقد تقدَّم تحقيقُها فَلْيُراجَع ثَمَّةَ . و " لأنفسِكم " متعلِّق بتقدِّموا ، أي : لحياةِ أنفسِكم ، فَحُذِفَ ، و " تَجِدُوه " جوابُ الشرطِ ، وهي المتعدِّيةُ لواحدٍ لأنها بمعنى الإِصابةِ ، ومصدرُها الوِجْدانُ بكسرِ الواو كما تقدَّم ، ولا بُدَّ من حذفِ مضافٍ أي : تَجدوا ثوابَه ، وقد جَعَلَ الزمخشري الهاءَ عائدةً على " ما " وهو يريد ذلك ، لأنَّ الخيرَ المتقدِّم سببٌ مُنْقَضٍ لا يوجد ، إنما يوجد ثوابُه . قوله : " عند الله " يجوزُ فيه وجهان . أحدُهما : أنه متعلقٌ ب " تجدوه " . والثاني : أنه متعلِّقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من المفعولِ أي : تَجِدُوا ثوابَه مُدَّخَراً مُعَدَّاً عند الله ، والظرفيةُ هنا مجازٌ نحو : " لك عندَ فلانٍ يدُ " .