سورة   البقرة
 
مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (110)

قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير } .

اعلم أنه تعالى أمر بالعفو والصفح عن اليهود ، ثم عقبه بقوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } تنبيها على أنه كما ألزمهم لحظ الغير وصلاحه العفو والصفح ، فكذلك ألزمهم لحظ أنفسهم وصلاحها القيام بالصلاة والزكاة الواجبتين ، ونبه بهما على ما عداهما من الواجبات . ثم قال بعده : { وما تقدموا لأنفسكم من خير } والأظهر أن المراد به التطوعات من الصلوات والزكوات ، وبين تعالى أنهم يجدونه وليس المراد أنهم يجدون عين تلك الأعمال لأنها لا تبقى ولأن وجدان عين تلك الأشياء لا يرغب فيه ، فبقي أن المراد وجدان ثوابه وجزائه ، ثم قال : { إن الله بما تعملون بصير } أي أنه لا يخفى عليه القليل ولا الكثير من الأعمال وهو ترغيب من حيث يدل على أنه تعالى يجازي على القليل كما يجازي على الكثير ، وتحذير من خلافه الذي هو الشر ، وأما الخير فهو النفع الحسن وما يؤدي إليه ، فلما كان ما يأتيه المرء من الطاعة يؤدي به إلى المنافع العظيمة ، وجب أن يوصف بذلك ، وعلى هذا الوجه قال تعالى : { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } .