قوله تعالى :{ واضمم يدك إلى جناحك } يعني : إبطك ، قال مجاهد : تحت عضدك وجناح الإنسان عضده إلى أصل إبطه . { تخرج بيضاء } نيرة مشرقة { من غير سوء } من غير عيب والسوء هاهنا بمعنى : البرص . قال ابن عباس : كان ليده نور ساطع يضيء بالليل والنهار كضوء الشمس والقمر { آيةً أخرى } يعني : دلالة أخرى على صدقك سوى العصا .
وصدر الأمر العلوي مرة أخرى إلى عبده موسى :
( واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى ) . .
ووضع موسى يده تحت إبطه . . والسياق يختار للإبط والذراع صورة الجناح لما فيها من رفرفة وطلاقة وخفة في هذا الموقف المجنح الطليق من ربقة الأرض وثقلة الجسم لتخرج بيضاء لا عن مرض أو آفة . ولكن : ( آية أخرى )مع آية العصا .
وهذا بُرهان ثان لموسى ، عليه السلام ، وهو أن الله أمره أن يدخل يده في جيبه ، كما صرح به في الآية الأخرى ، وهاهنا عبر عن ذلك بقوله : { وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ } وقال في مكان آخر : { وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } [ القصص : 32 ] .
وقال مجاهد : { وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ } كفه تحت عضده .
وذلك أن موسى ، عليه السلام ، كان إذا أدخل يده في جيبه ثم أخرجها ، تخرج تتلألأ كأنها فلقة قمر .
وقوله : { تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } أي : من غير بَرَص ولا أذى ، ومن غير شين . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، وغيرهم .
هذه معجزة أخرى عَلمه الله إياها حتى إذا تحدّى فرعون وقومه عمل مثل ذلك أمام السحرة . فهذا تمرين على معجزة ثانية مُتّحِد الغرض مع إلقاء العصا .
والجناح : العضد وما تحته إلى الإبط . أطلق عليه ذلك تشبيهاً بجناح الطائر .
والضمّ : الإلصاق ، أي ألصق يدك اليمنى التي كنت ممسكاً بها العصا . وكيفية إلصاقها بجناحه أن تباشر جِلدَ جناحه بأن يدخلها في جَيْب قميصه حتى تماس بَشرة جنبه ، كما في آية سورة سليمان : { وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء } [ النّمل : 12 ] . جعل الله تغيّر لون جلد يده مماستها جناحه تشريفاً لأكثر ما يناسب من أجزاء جسمه بالفعل والانفعال .
و { بيضَاءَ } حال من ضمير { تَخْرُجُ } ، و { مِنْ غيرِ سُوءٍ } حال من ضمير { بَيْضَاء } .
ومعنى { مِنْ غير سُوءٍ } من غير مَرض مثل البَرص والبَهق بأن تصير بيضاء ثم تعود إلى لونها المماثل لونَ بقية بشرته . وانتصب { آيةً } على الحال من ضمير { تَخْرُجُ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.