معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ حَٰجَجۡتُمۡ فِيمَا لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (66)

قوله تعالى : { ها أنتم هؤلاء } بتليين الهمزة ، حيث كان مدني ، وأبو عمرو والباقون بالهمزة ، واختلفوا في أصلة فقال بعضهم : أصله أنتم وهاء تنبيه ، وقال الأخفش أصلة أأنتم ، فقلبت الهمزة الأولى هاء ، كقولهم : هرقت الماء ، وأرقت . ( هؤلاء ) أصله أولاء دخلت عليه هاء التنبيه وهو في موضع النداء ، يعني يا هؤلاء أنتم .

قوله تعالى : { حاججتم فيما لكم به علم } يعني في أمر موسى وعيسى ، وادعيتم أنكم على دينهما وقد أنزلت التوراة والإنجيل عليكم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم وليس في كتابكم ، أنه كان يهودياً أو نصرانياً ، وقيل حاججتم فيما لكم به علم يعني في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنهم وجدوا نعته في كتابهم فجادلوا فيه بالباطل ، فلم تحاجون في إبراهيم وليس في كتابكم ولا علم لكم به .

قوله تعالى : { والله يعلم وأنتم لا تعلمون } . ثم برأ الله تعالى إبراهيم مما قالوا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ حَٰجَجۡتُمۡ فِيمَا لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (66)

65

ثم يمضي في التنديد بهم ؛ وإسقاط قيمة ما يدلون به من حجج ، وكشف تعنتهم وقلة اعتمادهم على منهج منطقي سليم في الجدل والحوار :

( ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم ، فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم ؟ والله يعلم وأنتم لا تعلمون ؟ ) .

وقد جادلوا في أمر عيسى عليه السلام ؛ كما يبدو أنهم جادلوا في بعض الأحكام التشريعية حين دعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم ، ثم تولوا وهم معرضون . . وكان هذا وذاك في دائرة ما يعلمون من الأمر ، أما أن يجادلوا فيما هو سابق على وجودهم ، ووجود كتبهم ودياناتهم . . فهو الأمر الذي لا سند له ولو كان سندا . شكليا . . فهو الجدل إذن لذات الجدل . وهو المراء الذي لا يسير على منهج ، وهو الغرض إذن والهوى . . ومن كان هذا حاله فهو غير جدير بالثقة فيما يقول . بل غير جدير بالاستماع أصلا لما يقول !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ حَٰجَجۡتُمۡ فِيمَا لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (66)

ثم قال : { هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ [ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُون ]{[5157]} }

هذا إنكار على من يحاج فيما لا علم له به ، فإنَّ اليهود والنصارى تَحَاجوا في إبراهيم بلا علم ، ولو تحاجوا فيما بأيديهم منه علْم مما يتعلق بأديانهم التي شرعت لهم إلى حين بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لكان أولى بهم ، وإنما تكلموا فيما لم يعلموا به ، فأنكر الله عليهم ذلك ، وأمرهم بردّ ما لا علم لهم به إلى عالم الغيب والشهادة ، الذي{[5158]} يعلم الأمور على حقائقها وجلياتها ، ولهذا قال : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }


[5157]:زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ "الآية".
[5158]:في ر: "والذي".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ حَٰجَجۡتُمۡ فِيمَا لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (66)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ هَا أَنْتُمْ هَؤُلآءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

يعني بذلك جلّ ثناؤه : { ها أَنْتُمْ } هؤلاء القوم الذين خاصمتم وجادلتم فيما لكم به علم من أمر دينكم الذي وجدتموه في كتبكم ، وأتتكم به رسل الله من عنده ، وفي غير ذلك مما أوتيتموه ، وثبتت عندكم صحته ، فلم تحاجون : يقول : فلم تجادلون وتخاصمون فيما ليس لكم به علم ، يعني الذي لا علم لكم به من أمر إبراهيم ودينه ، ولم تجدوه في كتب الله ، ولا أتتكم به أنبياؤكم ، ولا شاهدتموه فتعلموه . كما :

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { ها أنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاججْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ } : أما الذي لهم به علم : فما حرم عليهم وما أمروا به ، وأما الذي ليس لهم به علم : فشأن إبراهيم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { ها أنْتُمْ هَؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ } يقول : فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم ، { فَلِمَ تُحاجّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلمٌ } فيما لم تشاهدوا ولم تروا ولم تعاينوا ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، مثله .

وقوله : { وَاللّهُ يَعْلَمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } يقول : والله يعلم ما غاب عنكم فلم تشاهدوه ولم تروه ولم تأتكم به رسله من أمر إبراهيم وغيره من الأمور ، ومما تجادلون فيه ، لأنه لا يغيب عنه شيء ، ولا يعزب عنه علم شيء في السموات ولا في الأرض ، وأنتم لا تعلمون من ذلك إلا ما عاينتم فشاهدتم ، أو أدركتم علمه بالإخبار والسماع .