فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ حَٰجَجۡتُمۡ فِيمَا لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (66)

( ها أنتم ) يا ( هؤلاء ) الرجال الحمقى ( حاججتم ) ها للتنبيه وهو موضع النداء والمراد بهم أهل الكتابين ، والمعنى جادلتم وخاصمتم ، وفي ( هؤلاء ) لغتان المد والقصر ( فيما لكم به علم ) المراد هو ما كان في التوراة وإن خالفوا مقتضاه وجادلوا فيه بالباطل ( فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم ) وهو زعمهم أن إبراهيم كان على دينهم بجهلهم بالزمن الذي كان فيه .

وفي الآية دليل على منع الجدال بالباطل ، بل ورد الترغيب في ترك الجدال من المحق كما في حديث ( من ترك المراء ولو محقا فأنا ضمينه على الله ببيت في ربض الجنة " وقد ورد تسويغ الجدال بالتي هي أحسن كقوله تعالى ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) ونحو ذلك فينبغي أن يقصر جوازه على المواطن التي تكون المصلحة في فعله أكثر من المفسدة أو على المواطن التي المجادلة فيها بالمحاسنة لا بالمخاشنة .

( والله يعلم ) أي كل شيء فيدخل في ذلك ما حاججتم به دخولا أوليا ( وأنتم لا تعلمون ) أي محل النزاع أو شيئا من الأشياء التي من جملتها ذلك .