قوله تعالى : { وإذا تولى } . أي أدبر وأعرض عنك .
قوله تعالى : { سعى في الأرض } . أي عمل فيها ، وقيل : سار فيها ومشى .
قوله تعالى : { ليفسد فيها } . قال ابن جريج قطع الرحم وسفك دماء المسلمين .
قوله تعالى : { ويهلك الحرث والنسل } . وذلك أن الأخنس كان بينه وبين ثقيف خصومة فبيتهم ليلاً فأحرق زروعهم وأهلك مواشيهم . قال مقاتل : خرج إلى الطائف مقتضياً مالاً له على غريم فأحرق له كدساً ، وعقر له أتاناً ، والنسل : نسل كل دابة والناس منهم ، وقال الضحاك : ( وإذا تولى ) أي ملك الأمر وصار والياً ، ( سعى في الأرض ) قال مجاهد : في قوله عز وجل ( وإذا تولى سعى في الأرض ) قال إذا ولي فعمل بالعدوان والظلم ، أمسك الله المطر وأهلك الحرث والنسل .
قوله تعالى : { والله لا يحب الفساد } . أي لا يرضى بالفساد ، وقال سعيد ابن المسيب : قطع الدرهم من الفساد في الأرض .
حتى إذا جاء دور العمل ظهر المخبوء ، وانكشف المستور ، وفضح بما فيه من حقيقة الشر والبغي والحقد والفساد :
( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ، ويهلك الحرث والنسل ، والله لا يحب الفساد )
وإذا انصرف إلى العمل ، كانت وجهته الشر والفساد ، في قسوة وجفوة ولدد ، تتمثل في إهلاك كل حي من الحرث الذي هو موضع الزرع والإنبات والأثمار ، ومن النسل الذي هو امتداد الحياة بالإنسال . . وإهلاك الحياة على هذا النحو كناية عما يعتمل في كيان هذا المخلوق النكد من الحقد والشر والغدر والفساد . . مما كان يستره بذلاقة اللسان ، ونعومة الدهان ، والتظاهر بالخير والبر والسماحة والصلاح . . ( والله لا يحب الفساد ) ولا يحب المفسدين الذين ينشئون في الأرض الفساد . . والله لا تخفى عليه حقيقة هذا الصنف من الناس ؛ ولا يجوز عليه الدهان والطلاء الذي قد يجوز على الناس في الحياة الدنيا ، فلا يعجبه من هذا الصنف النكد ما يعجب الناس الذين تخدعهم الظواهر وتخفى عليهم السرائر .
وقوله : { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ } أي : هو أعوج المقال ، سيّئ الفعَال ، فذلك قوله ، وهذا فعله : كلامه كَذِب ، واعتقاده فاسد ، وأفعاله قبيحة .
والسعي هاهنا هو : القَصْد . كما قال إخبارًا عن فرعون : { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى* فَحَشَرَ فَنَادَى* فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى* فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى* إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى } [ النازعات : 22 - 26 ] ، وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } [ الجمعة : 9 ] أي : اقصدوا واعمدوا ناوين بذلك صلاة الجمعة ، فإن السعي الحسي إلى الصلاة منهيّ عنه بالسنة النبوية : " إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تَسْعَوْن ، وأتوها وعليكم السكينةُ والوقار " .
فهذا المنافق ليس له همة إلا الفساد في الأرض ، وإهلاك الحرث ، وهو : مَحل نماء الزروع والثمار والنسل ، وهو : نتاج الحيوانات الذين لا قوَام للناس إلا بهما .
وقال مجاهد : إذا سُعى في الأرض فسادًا ، منع الله القَطْرَ ، فهلك الحرث والنسل . { وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ } أي : لا يحب من هذه صفَته ، ولا من يصدر منه ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.