نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ} (205)

ولما ذكر أنه ألد شرع يذكر وجه لدده فقال{[9032]} عاطفاً على ما تقديره : فإذا واجهك{[9033]} اجتهد في إظهار أنه مصلح{[9034]} {[9035]}أو تكون جملة حالية{[9036]} { وإذا{[9037]} تولى } أي أعرض بقلبه{[9038]} أو قاله{[9039]} عمن خدعه بكلامه ، {[9040]}وكنى{[9041]} بالتعبير بالسعي عن{[9042]} الإسراع في إيقاع الفتنة بغاية الجهد فقال : { سعى }{[9043]} ونبه على{[9044]} كثرة فساده بقوله : { في الأرض } {[9045]}أي كلها{[9046]} بفعله وقوله عند من يوافقه { ليفسد } أي ليوقع الفساد {[9047]}وهو اسم لجميع المعاصي{[9048]} { فيها } أي في{[9049]} الأرض{[9050]} في ذات البين لأجل الإهلاك والناس أسرع شيء إليه فيصير له مشاركون في أفعال الفساد ، فإذا فعل منه ما يريد كان معروفاً عندهم فكان له عليه أعوان {[9051]}وبين أنه يصل بإفساده إلى الغاية بقوله مسمياً{[9052]} المحروث حرثاً{[9053]} مبالغة : { ويهلك الحرث } أي المحروث{[9054]} الذي يعيش به الحيوان ، قال الحرالي سماه حرثاً لأنه الذي نسبه إلى الخلق ، ولم يسمه زرعاً لأن ذلك منسوب إلى الحق - انتهى . ولأنه إذا هلك السبب هلك المسبب من غير عكس { والنسل } أي المنسول الذي به بقاء نوع الحيوان . قال الحرالي{[9055]} : وهو استخراج لطيف الشيء من جملته - انتهى . وفعله ذلك للإفساد {[9056]}ونظمت{[9057]} الآية هكذا إفهاماً{[9058]} لأن المعنى أن غرضه أولاً بإفساد{[9059]} ذات البين التوصل إلى الإهلاك{[9060]} وثانياً بالإهلاك التوصل إلى الإفساد { والله } أي والحال أن{[9061]} الملك الأعظم { لا يحب الفساد * } أي لا يفعل فيه فعل المحب فلا يأمر به بل ينهى عنه ولا يقر عليه بل يغيره وإن طال المدى ويعاقب عليه ، ولم يقل : الهلاك ، لأنه قد يكون صورة فقط فيكون{[9062]} صلاحاً كما إذا كان قصاصاً ولا{[9063]} قال{[9064]} : الإفساد{[9065]} يشمل ما إذا كان الفساد عن غير قصد ، والآية من الاحتباك ، ذكر أولاً الإفساد ليدل على حذفه{[9066]} ثانياً وثانياً الإهلاك ليدل على حذفه {[9067]}أولاً ، وذكر الحرث الذي هو السبب دلالة على الناسل والنسل الذي هو المسبب دلالة على الزرع فهو احتباك ثان .


[9032]:العبارة من هنا إلى "جملة حالية" ليست في م.
[9033]:في ظ: وجهك.
[9034]:وفي هذه الآية دليل على الاحتياط بما يتعلق بأمور الدين والدنيا واستواء أحوال الشهود والقضاة وأن الحاكم لا يعمل على ظاهر أحوال الناس وما يبدون من إيمانهم وصلاحهم حتى يبحث عن باطنهم لأن الله بين أحوال الناس وأن منهم من يظهر جميلا وينوي قبيحا – البحر المحيط 2 / 115.
[9035]:ليست في ظ.
[9036]:ليست في ظ.
[9037]:زيد في ظ: أي والحال أيضا أنه إذا.
[9038]:في مد: قالبه.
[9039]:العبارة من "أعرض" إلى هنا ليست في ظ، ومن "بقلبه" ليست في م.
[9040]:العبارة من هنا إلى "فقال" ليست في ظ.
[9041]:في الأصل: كفى والتصحيح من م ومد.
[9042]:من م، وفي الأصل: من.
[9043]:العبارة من هنا إلى "بقوله" ليست في ظ.
[9044]:في الأصل: عن والتصحيح من م ومد.
[9045]:ليست في ظ.
[9046]:ليست في ظ.
[9047]:ليست في ظ. وفي الأصل: بجميع – مكان: لجميع، والتصحيح من م ومد.
[9048]:ليست في ظ. وفي الأصل: بجميع – مكان: لجميع، والتصحيح من م ومد.
[9049]:ليس في م ومد.
[9050]:العبارة من "أي" إلى هنا ليست في ظ.
[9051]:العبارة من هنا إلى "مبالغة" ليست في ظ.
[9052]:في الأصل: مسسا – كذا، والتصحيح من م ومد.
[9053]:زيد في م: لأنه الذي.
[9054]:ليس في ظ.
[9055]:العبارة المحجوزة من م ومد وظ، غير أن في ظ: الذي به بدأ بقاء – مكان: المنسول الذي به بقاء.
[9056]:من م وظ ومد، وموضعه بياض في الأصل.
[9057]:من م ومد وظ، وموضعه بياض في الأصل.
[9058]:من م وظ ومد، وفي الأصل: إيهاما، وفي البحر المحيط 2/116: والفساد يكون بأنواع من الجور والقتل والنهب والسعي ويكون بالكفر "ويهلك الحرث والنسل" عطف هذه العلة قبلها وهو "ليفسد فيها" وهو شبيه بقوله "وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل" وقوله: أكر عليه دعلجا ولبانه لأن الإفساد شامل يدخل تحته إهلاك الحرث والنسل ولكنه خصمها بالذكر لأنها أعظم ما يحتاج إليه في عمارة الدنيا فكان فسادهما غاية الإفساد.
[9059]:في م: ياق و.
[9060]:من م ومد، وفي ظ: بإهلاك، وفي الأصل: لا هلاك.
[9061]:زيد في ظ: الله.
[9062]:ليست في ظ.
[9063]:زيد من م ومد وظ.
[9064]:في مد: مال.
[9065]:وقال الراغب: الإفساد غخراج الشيء عن حالة محمودة لا لغرض صحيح وذلك غير موجودة فعل الله تعالى....فالمحبة ومقابلها بالنسبة إلى الله نقيضان وبالنسبة إلى غيره ضدان، وظاهر الفساد يعم كل فساد في أرض أو مال أو دين، وقد استدل عطاء بقوله "والله لا يحب الفساد" على منع شق الإنسان ثوبه، وقال ابن عباس: الفساد هنا الحراب – البحر المحيط 2 / 116 و 117.
[9066]:في الأصل: حدثه، والتصحيح من م ومد، وفي ظ: حدفه.
[9067]:العبارة من هنا إلى "احتباك ثان" ليست في ظ.